نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 491
يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين: أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت [1] «وقيل: الغناء منفدة للمال، مسخطة للرب، مفسدة للقلب. فإن قلت: ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث؟ قلت:
معناها التبيين، وهي الإضافة بمعنى من، وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه، كقولك: صفة خز، وباب ساج [2] . والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث، لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فبين بالحديث. والمراد بالحديث. الحديث المنكر، كما جاء في الحديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش [3] » ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه. وقوله يَشْتَرِي إما من الشراء، على ما روى عن النضر: من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ أى استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة: اشتراؤه:
استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق. وقرئ: لِيُضِلَّ بضم الياء وفتحها.
وسَبِيلِ اللَّهِ دين الإسلام أو القرآن. فإن قلت: القراءة بالضم بينة، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو: أن يصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه، فما معنى القراءة بالفتح؟ قلت: فيه معنيان، أحدهما: ليثبت على ضلاله الذي كان عليه، ولا يصدف عنه، ويزيد فيه ويمدّه، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصدّ الناس عنه.
والثاني: أن يوضع ليضل موضع ليضل، من قبل أن من أضل كان ضالا لا محالة، فدل بالرديف على المردوف. فإن قلت: ما معنى قوله بِغَيْرِ عِلْمٍ؟ قلت: لما جعله مشتريا لهو الحديث بالقرآن قال: يشترى بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة بها، حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق.
ونحوه قوله تعالى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ أى: وما كانوا مهتدين للتجارة بصراء بها: وقرئ وَيَتَّخِذَها بالنصب والرفع عطفا على يشترى. أو ليضل، والضمير للسبيل، لأنها مؤنثة، كقوله تعالى وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً. [1] أخرجه أبو يعلى وإسحاق والحارث من طريق أبى أمامة وهو عند الطبراني من رواية يحيى بن الحارث عن القاسم في الحديث الذي قبله. [2] قوله «كقولك صفة خز وباب ساج» لعله محرف. وأصله جبة خز، ثم رأيت في الصحاح: صفة الدار والسرج: واحدة الصفف اه، فلعل صفة السرج تكون من خز. (ع) [3] تقدم في براءة.
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 491