نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 2 صفحه : 560
واديا ما فيه شيء منها، بأن تجلب إليهم من البلاد لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات حاضرة في واد يباب ليس فيه نجم [1] ولا شجر ولا ماء لا جرم أن الله عز وجلّ أجاب دعوته فجعله حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه، ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا، وفي أى بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذى زرع، وهي اجتماع البواكير والفواكه [2] المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته بعجيب، متعنا الله بسكنى حرمه، ووفقنا لشكر نعمه، وأدام لنا التشرف بالدخول تحت دعوة إبراهيم عليه السلام، ورزقنا طرفا من سلامة ذلك القلب السليم.
[سورة إبراهيم (14) : الآيات 38 الى 39]
رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (39)
النداء المكرر دليل التضرع واللجأ إلى الله تعالى إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ تعلم السرَّ كما تعلم العلن علماً لا تفاوت فيه، لأنّ غيباً من الغيوب لا يحتجب عنك. والمعنى: أنك أعلم بأحوالنا وما يصلحنا وما يفسدنا منا، وأنت أرحم بنا وأنصح لنا منا بأنفسنا ولها، فلا حاجة إلى الدعاء والطلب، وإنما ندعوك إظهارا للعبودية لك، وتخشعا لعظمتك، وتذللا لعزتك، وافتقارا إلى ما عندك، واستعجالا لنيل أياديك، وولهاً إلى رحمتك، وكما يتملق العبد بين يدي سيده، ورغبة في إصابة معروفه، مع توفر السيد على حسن الملكة. وعن بعضهم: أنه رفع حاجته إلى كريم فأبطأ عليه النجح، فأراد أن يذكره فقال: مثلك لا يذكر استقصارا ولا توهما للغفلة عن حوائج السائلين، ولكن ذا الحاجة لا تدعه حاجته أن لا يتكلم فيها. وقيل: ما نخفى من الوجد لما وقع بيننا من الفرقة، وما نعلن من البكاء والدعاء. وقيل: ما نخفى من كآبة الافتراق، وما نعلن:
يريد ما جرى بينه وبين هاجر حين قالت له عند الوداع: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله أكلكم. قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا نخشى، تركتنا إلى كاف وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من كلام الله عز وجل تصديقا لإبراهيم عليه السلام، كقوله وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ أو من كلام إبراهيم، يعنى:
وما يخفى على الله الذي هو عالم الغيب من شيء في كل مكان. «ومن» للاستغراق، كأنه قيل: وما يخفى عليه [1] قوله «في واد يباب ليس فيه نجم» أى خراب. والنجم: نبات لا ساق له، كذا في الصحاح. (ع) [2] قوله «وهي اجتماع البواكير والفواكه» الباكورة: أول الفاكهة، كما في الصحاح. (ع)
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 2 صفحه : 560