نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 2 صفحه : 207
وأسرت، ولما طلعت قريش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه قريش قد جاءت [1] بخيلائها وفخرها يكذبون رسلك، اللهم إنى أسألك ما وعدتني، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فقال- لما التقى الجمعان- لعلى رضى الله عنه: أعطنى قبضة من حصباء الوادي، فرمى بها في وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه، فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم [2] ، فقيل لهم فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ والفاء جواب شرط محذوف تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ لأنه هو الذي أنزل الملائكة وألقى الرعب في قلوبهم، وشاء النصر والظفر وقوّى قلوبكم، وأذهب عنها الفزع والجزع وَما رَمَيْتَ أنت يا محمد إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى يعنى أنّ الرمية التي رميتها لم ترمها أنت على الحقيقة، لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغه أثر رمى البشر، ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم، فأثبت الرمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنّ صورتها وجدت منه، ونفاها عنه لأنّ أثرها الذي لا تطيقه البشر فعل الله عزّ وجلّ، فكأن الله هو فاعل الرمية على الحقيقة، وكأنها لم توجد من الرسول عليه الصلاة والسلام أصلا. وقرئ: ولكن الله [1] قال محمود: «ولما جاءت قريش قال عليه الصلاة والسلام: هذه قريش جاءت ... الخ» قال أحمد رحمه الله:
أوضح مصداق في التمييز بين الحقيقة والمجاز. ألا تراك تقول للبليد: ليس بحمار، ويصدق عليه مع صدق قولك فيه على سبيل التجوز إنه حمار، فإذا ثبت لك أن من مميزات المجاز صدق سلبه بخلاف الحقيقة، فافهم أن هذه الآية تكفح وجوه القدرية بالرد، وذلك أن الله تعالى أثبت الفعل للخلق ونفاه عنهم، ولا محمل لذلك إلا أن ثبوته لهم مجاز، والفاعل والخالق حقيقة هو الله تعالى، فأثبته لهم مجازاً، ونفاه عنهم حقيقة. وإياك أن تعرج على تنكيس الزمخشري في تأويل الآية، فانه نظر أعوج، وباطل مخلج، والحق أبلج، والله الموفق بكرمه. [2] قال الطيبي: لم يذكر أحد من أئمة الحديث أن هذه الرمية كانت ببدر، ثم حديث سلمة بن الأكوع.
قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فذكر القصة، وهو تعقيب غير مرضى فقد روى الواقدي في المغازي عن ابن أبى الزهري عن الزهري عن عروة بن الزبير قال «لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فذكر نحوه إلى قوله: ما وعدتني» وروى الطبري من وجه آخر عن هشام بن عروة عن عروة قال «لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا قال: فزعموا أنه قال، هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تجادل وتكذب رسولك، اللهم إنى أسألك ما وعدتني. فلما أقبلوا استقتلوا فحثا في وجوههم فهزمهم الله تعالى» وروى الطبري من رواية على بن أبى طلحة قال «رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يوم بدر «فقال: يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن نعبد في الأرض أبدا. فأمره جبريل فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم. فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخره وفمه تراب. فولوا مدبرين» وعنده أيضا من طريق أسباط عن السدى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى يوم بدر: أعطنى حصباء من الأرض. فناوله حصا عليه تراب، فرمى به في وجوه القوم، فلم يبق مشرك إلا دخل في عينه من ذلك التراب، ثم ردفهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم. وأنزل الله فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ- الآية. وروى الواقدي في المغازي أيضاً من طريق حكيم بن حزام في قصة بدر قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ كفاً من الحصباء فرماهم بها وقال: شاهت الوجوه. فما بقي منهم أحد إلا امتلأ وجهه وعيناه فانهزم أعداء الله، والمسلمون يقتلون ويأسرون. وأخرجه الطبري من وجه آخر عن حكيم بن حزام نحوه دون ما في آخره.
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 2 صفحه : 207