نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر نویسنده : الطبري، أبو جعفر جلد : 3 صفحه : 372
ما ألزمه الله وأوجبه عليه، من غير أن يبخسه حقًّا له قبله بسبب ذلك، أو يحوجه إلى اقتضاءٍ ومطالبة.
* * *
فإن قال لنا قائل: وكيف قيل:"فاتباعٌ بالمعروف وأداء إليه بإحسان"، ولم يَقل فاتباعًا بالمعروف وأداءً إليه بإحسان، كما قال: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) [سورة محمد: 4] ؟ قيل: لو كان التنزيل جاء بالنصب، وكان: فاتباعًا بالمعروف وأداءً إليه بإحسان- كان جائزًا في العربية صحيحًا، على وجْه الأمر، كما يقال:"ضربًا ضَربًا = وإذا لقيت فلانًا فتبجيلا وتعظيمًا"، غير أنه جاءَ رفعًا، وهو أفصح في كلام العرب من نصبه. وكذلك ذلك في كل ما كان نظيرًا له، مما يكون فرضًا عامًّا - فيمن قد فعل، وفيمن لم يفعل إذا فعل- لا ندبًا وحثًّا. ورفعه على معنى: فمن عفي له من أخيه شيء، فالأمر فيه: اتباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسان، أو فالقضاء والحكم فيه: اتباع بالمعروف.
وقد قال بعض أهل العربية: رفع ذلك على معنى: فمن عفي له من أخيه شيء، فعليه اتباعٌ بالمعروف. وهذا مذهب، والأول الذي قلناه هو وجه الكلام. وكذلك كلّ ما كان من نظائر ذلك في القرآن، فإن رفعَه على الوجه الذي قُلناه. وذلك مثل قوله: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) [سورة المائدة: 95] ، وقوله: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [سورة البقرة: 229] . وأما قوله: (فَضَرْبَ الرِّقَابِ) ، فإن الصواب فيه النصب، وهو وجه الكلام، لأنه على وجه الحثّ من الله تعالى ذكره عبادَه على القتل عند لقاء العدو، كما يقال:"إذا لقيتم العدو فتكبيرًا وتهليلا"، على وجه الحضّ على التكبير، لا على وجه الإيجاب والإلزام. (1)
* * *
(1) انظر معاني القرآن للفراء 1: 109-110.
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر نویسنده : الطبري، أبو جعفر جلد : 3 صفحه : 372