responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 2  صفحه : 50
وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعابها الكتاب.
* * *
قالوا:"وقد أخبر الله تعالى ذكره في كتابه أن إبراهيم قال:"رب اجعل هذا بلدا آمنا"، ولم يخبر عنه أنه سأل أن يجعله آمنا من بعض الأشياء دون بعض، فليس لأحد أن يدعي أن الذي سأله من ذلك، الأمان له من بعض الأشياء دون بعض، إلا بحجة يجب التسليم لها. قالوا: وأما خبر أبي شريح وابن عباس، فخبران لا تثبت بهما حجة، لما في أسانيدهما من الأسباب التي لا يجب التسليم فيها من أجلها.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الله تعالى ذكره جعل مكة حرما حين خلقها وأنشأها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم،"أنه حرمها يوم خلق السموات والأرض"، بغير تحريم منه لها على لسان أحد من أنبيائه ورسله، ولكن بمنعه من أرادها بسوء، وبدفعه عنها من الآفات والعقوبات، وعن ساكنيها، ما أحل بغيرها وغير ساكنيها من النقمات. فلم يزل ذلك أمرها حتى بوأها الله إبراهيم خليله، وأسكن بها أهله هاجر وولده إسماعيل. فسأل حينئذ إبراهيم ربه إيجاب فرض تحريمها على عباده على لسانه، ليكون ذلك سنة لمن بعده من خلقه، يستنون به فيها، إذ كان تعالى ذكره قد اتخذه خليلا وأخبره أنه جاعله، للناس إماما يقتدى به، فأجابه ربه إلى ما سأله، وألزم عباده حينئذ فرض تحريمه على لسانه،
فصارت مكة - بعد أن كانت ممنوعة بمنع الله إياها، بغير إيجاب الله فرض الامتناع منها على عباده، ومحرمة بدفع الله عنها، بغير تحريمه إياها على لسان أحد من رسله - [1] فرض تحريمها على خلقه على لسان خليله إبراهيم عليه السلام، وواجب على عباده الامتناع من استحلالها، واستحلال صيدها وعضاهها لها بإيجابه الامتناع من ذلك ببلاغ إبراهيم رسالة الله إليه بذلك إليهم.

[1] سياق هذه الجملة المعترضة: "بعد أن كانت ممنوعة. . .، ومحرمة. . . "، وسياق الجملة التي دخلها الاعتراض: "فصارت مكة. . . فرض تحريمها. . . وواجب على عباده. . . "
* * *
القول في تأويل قوله تعالى {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}
أما تأويل قوله: (وإذ فرقنا بكم) ، فإنه عطف على: (وإذ نجيناكم) ، بمعنى: واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون، وإذ فرقنا بكم البحر.
ومعنى قوله: (فرقنا بكم) : فصلنا بكم البحر. لأنهم كانوا اثني عشر سبطا؛ ففرق البحر اثني عشر طريقا، فسلك كل سبط منهم طريقا منها، فذلك فرق الله بهم عز وجل البحر، وفصله بهم، بتفريقهم في طرقه الاثني عشر، كما:-
904 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي: لما أتى موسى البحر كنّاه"أبا خالد"، وضربه فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، فدخلت بنو إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط. (1)
* * *
وقد قال بعض نحويي البصرة: معنى قوله: (وإذ فرقنا بكم البحر) ، فرقنا بينكم وبين الماء. يريد بذلك: فصلنا بينكم وبينه، وحجزناه حيث مررتم به. وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة، [2] لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم، ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر، فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة، وفرقه البحر بالقوم، إنما هو تفريقه البحر بهم، على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم، على ما جاءت به الآثار.

[1] الأثر 904 - من خبر طويل في تاريخ الطبري، وهذه الفقرة منه في 1: 214، وانظر أيضًا رقم: 910.
[2] انظر تفسير"الظاهر" فيما مضى: 2: 15، والمراجع.
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 2  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست