responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة نویسنده : المَاتُرِيدي، أبو منصور    جلد : 5  صفحه : 135
معلوم أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يكن من الغافلين في حال، ولكن على النهي لأمته؛ كقوله: (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) و (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ونحوه، نهاه أن يكونن ما ذكر؛ لما ذكرنا نهيا لغيره، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ... (206)
قالت المشبهة: لو لم يكن بين اللَّه وبين الملائكة قرب الذات لكانوا هم والبشر بقوله: (عِنْدَ رَبِّكَ) سواء، لكان لا معنى لتخصيص الملائكة بذلك.
لكن التأويل عندنا في قوله: (عِنْدَ رَبِّكَ): في الطاعة والخضوع، أو في الكرامة والمنزلة، ليس على قرب الذات، ولكن على ما وصف - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، وقوله: (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)، وصفهم بالطاعة له والخضوع؛ فعلى ذلك الأول، ليس على قرب الذات، ولكن على ما ذكر من الطاعة والخضوع.
ألا ترى أنه قال: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)، ليس على أنه في الأرض يقترب منه إذا سجد؟!.
وأصل ما يضاف إلى اللَّه من جزئية الأشياء يخرج مخرج تعظيم تلك الجزئيات؛ كقوله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ)، خص المساجد بالإضافة إليه، وإن كانت البقاع كلها له؛ تعظيمًا لها، وكذلك قوله: الكعبة بيت اللَّه الحرام، وإن كانت البيوت كلها له، ونحو ذلك مما أضاف ذلك إلى نفسه من جزئيات الأشياء؛ تعظيمًا لذلك وإجلالا؛ فعلى ذلك الأول، أضافهم إلى نفسه إما لطاعة لهم إياه والخضوع، وإما لكرامة لهم والمنزلة، وإضافة كلية الأشياء إلى اللَّه تخرج مخرج تعظيم الرب؛ من ذلك قوله: (لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)، وقوله: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقوله: (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
ومن الناس من استدل بتفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية؛ لكنا نقول: إن الأفضل عند اللَّه الأطوع له والأخضع والأتقى والأقوم لأمره ونهيه؛ على ما ذكرنا: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، لا نشير أن هَؤُلَاءِ أفضل من هَؤُلَاءِ، وقد ذكرنا الوجه في ذلك فيما تقدم.

نام کتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة نویسنده : المَاتُرِيدي، أبو منصور    جلد : 5  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست