نام کتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة نویسنده : المَاتُرِيدي، أبو منصور جلد : 2 صفحه : 540
الدنيا مقلوبًا.
والثاني: أنه لو كان كذلك لكان يجب أن يعجب به رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ إذ على كل ذلك معجبًا، ولكانوا فيما حسبوا أن ذلك ضر لهم - يشعرون، لا ألا يشعرون، مع ما قيل: (وَلَا يَحسَبَنَّ) بالياء في بعض القراءة، ومتى كان يحسب الكفرة ذلك شرا حتى يعاتبوا على الحسبان؟! واللَّه الموفق.
والثاني: قالوا ذلك خبر عما يئول الأمر إليه؛ كقوله - تعالى -: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا)، وهم لا لذلك التقطوا، وكمن يقول للسارق: سرقت لتقطع يدك، وكما يقال: من الوافر
. . . . . . . . . . . . لدوا للموت وابنوا للخراب
والذي قالوه إنما هو تنبيه وإيقاظ لقوم لا يذكرون عواقب الأمور، فيحرصون عليها عن غفلة بالعواقب، فأما اللَّه - سبحانه وتعالى - فمحال أن يكون أمره على ذلك ليكون فيما يذكره ذلك؛ ألا ترى أن أحدًا لا يقول: ولدت للموت، أو بنيتُ للخراب؛ لأنه لا لذلك يفعل، وإن كان إليه يئول، وإنما هو قول الواعظ لهم بما ذكرت؛ كذلك بطل هذا، وأمر قوم فرعون لم يقل: ليكون لهم عندهم؛ إنما هو ليكون لهم عند اللَّه تعالى، وبما أراد اللَّه، وكان كذلك، ولا قوة إلا باللَّه.
وقد بيّنا ما في الحكمة تحقيقه من طريق الاعتبار - ولا قوة إلا باللَّه - والأصل في ذلك أن اللَّه - تعالى - عالم بمن يؤثر عداوته ويعاند آياته، فإرادته ألا يكون منه ذلك حاجة إليه في موالاته، أو إيجاب غلبة عليه في بعض ما يريد، جل اللَّه عن هذا الوصف.