نام کتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة نویسنده : المَاتُرِيدي، أبو منصور جلد : 2 صفحه : 123
فدخلت كل كتابية -حرة كانت أو أمة- تحت الاستثناء؛ لأن الاستثناء إذا كان عن جملة الأديان سوى دين الكتابيات لم يحتمل دخول بعض أهل ذلك الدِّين دون بعض، والذي يدل عليه قوله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)، فجعل الأمة المؤمنة خيرًا بالنكاح من المشركة، ومن قوله إنه بالقدرة على طول الحرة الكافرة لا يباح له نكاح الأمة المؤمنة. فبان أن موقع الآية ليس على التناسخ على ما يقوله على أن الإماء يدخلن تحت قوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ)، دليله قوله تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، فثبت أنهن قد يتعففن فيستوجبن اسم الإحصان، وقد جعل شرط الحل هو ذكر الإحصان. وقوله أيضًا: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا). وقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، مستثنيًا الإماء من جملة المحصنات؛ دل أنهن دخلن في الخطاب. وقد أجمع على أنهن تحل لنا بالسبي، وكل مذكور في الكتاب يستوي الحل فيه إلا من جهة العدو. فإذا أبيح لنا تزويج المسبيات منهن كالحرائر، ثبت أنه محكوم بحكمهن في النكاح. فبطل قول من أبطل نكاح الإماء؛ إذ ثبت أن الآية بخلاف ما قال. وباللَّه التوفيق.
ثم الآية تضمنت أحكامًا:
منها: أن من قول أصحابنا - رحمهم اللَّه تعالى أجمعين -: أن المناهي بحيث النهي لا توجب الحرمة.
والثاني: أن الآية كيف كان حملها على الخصوص في بعض أحق والعموم في بعض ومخرج الخطابين واحد.
والثالث: أن في الآية ذكر المنع، لعلة وهي الدعوة إلى النار، فكيف لم يلزم حفظ ما لأجله وجب الحرمة على وجوده؟ وهذا هو الأصل: أن تحفظ الأحكام المعللة بالعلل ما دامت توجد العلل.
والرابع: البيان في تولى النكاح؛ إذ للأولياء خرج الخطاب بقوله: (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا).
وأما قولنا في النهي: فإن النهي يوجب الانتهاء، ولكن لا يوجب الحرمة إلا بدليل يقوم على مراد الحرمة في النهي، لما رأينا من المناهي كثيرة لم توجب الحرمة، فلو كان
نام کتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة نویسنده : المَاتُرِيدي، أبو منصور جلد : 2 صفحه : 123