نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 6 صفحه : 239
وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا ودولة آخرينا
وإما لأن للأشقياء الدركات وللسعداء الدرجات وإما لأن زلزلة الساعة تزيل الأشياء عن مقارها فتنثر الكواكب وتسير الجبال في الجو يؤيده قوله إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ أي حركت تحريكا عنيفا حتى ينهدم كل بناء عليها وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا أي فتتت حتى تعود كالسويق أو سيقت من بس الغنم إذا ساقها فَكانَتْ أي صارت غبارا متفرقا. ثم ذكر أحوال الناس يومئذ قائلا وَكُنْتُمْ لفظ الماضي لتحقق الوقوع أَزْواجاً أي أصنافا ثَلاثَةً ثم فصلها فقال فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وهو تعجب من شأنهم كقولك «زيد ما زيد» سموا بذلك لأنهم يؤتون صحائفهم بأيمانهم، أو لأنهم أهل المنزلة السنية من قولهم «فلان مني باليمين» إذا وصفته بالرفعة عندك وذلك لتيمنهم بالميامن دون الشمائل وتبركهم بالسانح دون البارح، ولعل اشتقاق اليمين من اليمن والشمال من الشؤم، والسعداء ميامين على أنفسهم والأشقياء مشائيم عليها.
روي أن أهل الجنة يؤخذ بهم إلى جانب اليمين وأهل النار يؤخذ بهم في الشمال
وَالسَّابِقُونَ عرف الخبر للمبالغة كقوله الذين سبقوا إلى ما دعاهم الله إليه من التوحيد والإخلاص والطاعة هم السَّابِقُونَ عرف الخبر للمبالغة كقوله «وشعري شعري» يريد والسابقون من عرف حالهم وبلغك وصفهم، وعلى هذا يحسن الوقف السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ إلى مقامات لا يكشف المقال عنها من الجمال والعارفون يقولون لهم إنهم أهل الله، وفي لفظ السبق أشار إلى ذلك فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ إخفاء حالهم وبيان محل أجسادهم أو هي الجنة الروحانية النورانية ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ أي جماعة كثيرة من لدن آدم إلى أول زمان نبينا صلى الله عليه وسلم. قال أهل الاشتقاق: أصل الثلة من الثل وهو الكسر كما أن الأمة من الأم وهو الشج كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم، ثم اشتق الإمام منه إذ به يحصل الأمة المقتدية به.
وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي من هذه الأمة. قال الزجاج: الذين عاينوا جميع النبيين وصدقوا بهم أكثر ممن عاين النبي صلى الله عليه وسلم وهاهنا سؤال وهو أنه كيف قال هاهنا وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ وفيما بعده قال وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ والجواب أن الثلتين في آية أصحاب اليمين هما جميعا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. جواب آخر وهو أن يقال: الخطاب في قوله وَكُنْتُمْ أَزْواجاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم والأولون منهم هم الصحابة والتابعون كقوله وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ [التوبة: 1] والآخرون منهم هم الذين يلونهم إلى يوم الدين، ولا ريب أن السابقين يكونون في الأولين أكثر منهم في الآخرين. وأما أصحاب اليمين فيوجدون في كلا القبيلين كثيرا وعلى هذا يكون الترتيب المذكور ساقطا ولا نسخ لإمكان اجتماع مضموني الخبرين في الواقع. قال الزجاج وهو قول مجاهد والضحاك يعني جماعة ممن تبع النبي صلى الله عليه وسلم وعاينه وجماعة ممن
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 6 صفحه : 239