نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 97
ومنهم من يستره بين أوليائه في باب العزة كما قال «أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري» ومنهم من يستر أنانيته بهويته فيقول أنا الحق وسبحاني. والرزق الكريم هو الخالي عن شوائب الحدوث لأنه من القديم الكريم إِلَّا إِذا تَمَنَّى فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بل الولي لا يليق به التمني بل ما على الرسول إلا البلاغ ولا على الولي إلا الرضا والتسليم، فلو بقي في أحدهم أدنى ملاحظة لغير الله كالحرص على إيمان القوم فوق ما أمر به ابتلاه الله ببلاء مجال الشيطان في أمنيته بقول أو بعمل، فتدركه العناية الأزلية ويزيل الخاطر الشيطاني ويثبته على الخاطر الرحماني، ولا يكون لدخان الفتنة تأثير في نور يقينه كما لا تأثير للضباب في شعاع الشمس بخلاف من في قلبه ظلم الشبهات فإن ذلك الدخان يزيدها كدورة ورينا حتى تأتيهم ساعة سلب الاستعداد بالكلية، أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ هو الأبد لأنه لا ليل له وهو عذاب قطيعة لا وصلة بعدها وَالَّذِينَ هاجَرُوا عن أوطان الطبيعة في طلب الحقيقة ثُمَّ قُتِلُوا بسيف الصدق والرياضة حتى تزكوا أنفسهم أَوْ ماتُوا عن أوصاف البشرية لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً فرزق القلوب حلاوة العرفان. ورزق الأسرار مشاهدات الجمال، ورزق الأرواح مكاشفات الجلال. وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لأنه يرزق من أوصاف ربوبيته كما
قال صلى الله عليه وسلم «أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» «1»
وَمَنْ عاقَبَ بالمجاهدة نفسه بِمِثْلِ ما عاقبت النفس بالمخالفة قلبه ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ أي غلبت النفس على القلب باستيلاء صفاتها لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ باستئصال النفس وتمحيق صفاتها إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ لما سلف غَفُورٌ لما بقي في نفوس الطالبين من الأنانية. يُولِجُ ليل السر في نهار التجلي وبالعكس، أو يولج ليل القبض في نهار البسط، أو ليل الهيبة في نهار الأنس أَنْزَلَ مِنَ سماء القلب ماء الحكمة فَتُصْبِحُ أرض البشرية مُخْضَرَّةً بالشريعة وأرض القلوب والأرواح والأسرار بالعلوم والكشوف والأنوار والله أعلم بالصواب.