نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 438
و «ما» في قوله ما أُخْفِيَ موصولة ويجوز أن تكون استفهامية بمعنى أي شيء، والمعنى لا تعلم نفس من النفوس لا ملك مقرب ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب ادخر الله لأولئك مما تقرّ به عيونهم حتى لا تطمح إلى غيره ولا تطلب الفرح بما عداه.
عن النبي صلى الله عليه وسلم «يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتم عليه اقرؤا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين» «1»
وعن الحسن: أخفى القوم أعمالا في الدنيا فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. قال المحققون: إنه يصدر من العبد أعمال صالحة وقد صدر عن الرب أشياء سابقة من الخلق والتربية وغيرهما، وأشياء لاحقة من الثواب والإكرام، فلله تعالى أن يقول: أنا أحسنت أولا، والعبد أحسن في مقابلته، فالثواب تفضل من غير عوض. وله أن يقول: الذي فعلته أولا تفضل فإذا أتى العبد بالعمل الصالح جزيته خيرا لأن جزاء الإحسان إحسان، وهذا الاعتبار الثاني أليق بالكرم ليذيق العبد لذة الأجر والكسب، والاعتبار الأول أليق بالعبودية حتى يرى الفضل لله في جانب الأبد فإذن لا تنقطع المعاملة بين الله وبين العبد أبدا، وتكون العبادة لهم في الآخرة بمنزلة التنفس للملائكة.
يروى أنه شجر بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام فقال له الوليد: اسكت فإنك صبي. فقال له علي: اسكت فإنك فاسق. فأنزل الله تعالى فيهما خاصة
وفي أمثالهما من الفريقين عامة أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً إلى آخر ثلاث آيات أو أربع. ومن أول الآية محمول على اللفظ وفي قوله لا يَسْتَوُونَ محمول على المعنى. ثم فصل عدم استوائهما بقوله أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا وجَنَّاتُ الْمَأْوى نوع من الجنان تأوي إليها أرواح الشهداء على قول ابن عباس. وقال بعضهم: هي عن يمين العرش. وفي لام التمليك في فَلَهُمْ مزيد تشريف وإيذان بأنهم لا يخرجون منها كما لا يخرج المالك من ملكه ولهذا لو قيل: هذه الدار لزيد يفهم منه الملكية بخلاف ما لو قيل: اسكن هذه الدار. فإنه يحمل على الإعارة وإنه تعالى قال لأبينا آدم اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة: 35] لأنه كان في علمه أنه يخرج منها. وإنما قيل هاهنا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ وفي «سبأ» عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها [الآية: 42] لأن النار في هذه السورة وقعت موقع الكناية لتقدم ذكرها، الكنايات لا توصف فوصف العذاب. وفي «سبأ» لم يتقدم ذكر النار فحسن وصف النار.
(1) رواه البخاري في كتاب التوحيد باب 35. مسلم في كتاب الإيمان حديث 312 الترمذي في كتاب الجنة باب 15. ابن ماجة في كتاب الزهد باب 29. الدارمي في كتاب الرقاق باب 98. أحمد في مسنده (2/ 313) .
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 438