نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 391
والمبدأ والمعاد، فلمقابلة إحسانهم يجادلون أولا بالأحسن، ولا تستهجن آراؤهم ولا ينسب إلى الضلال آباؤهم بل يقال لهم آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا إلى آخر الآية.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم، وإن كان حقا لم تكذبوهم» «1»
ثم ذكر دليلا قياسيا فقال وَكَذلِكَ يعني كما أنزلنا على من تقدمك أنزلنا عليك وقال جار الله: هو تحقيق لقوله آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا أي ومثل ذلك الإنزال أنزلناه مصدقا لسائر الكتب السماوية. فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ هم عبد الله بن سلام وأضرابه وَمِنْ هؤُلاءِ أي من أهل مكة أو الأولون هم الأقدمون من أهل الكتاب، والآخرون هم المعاصرون منهم للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل: الأولون هم الأنبياء لأن كلهم آمنوا بكلهم ومن هؤلاء هم أهل الكتاب وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا مع وضوحها إلا المصرون على الكفر المتوغلون فيه نحو كعب بن الأشرف وأصحابه. واعلم أن المجادل إذا ذكر مسألة خلافية كقوله: الزكاة تجب في مال الصغير. فإذا قيل له: لم؟ قال: كما تجب النفقة في ماله ولا يذكر الجامع بينهما. فإن فهم الجامع من نفسه فذاك، وإلا قيل له: لأن كليهما مال فضل عن الحاجة. فالله سبحانه ذكر أولا التمسك بقوله وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا ثم ذكر الجامع بقوله وَما كُنْتَ تَتْلُوا الآية. وفي قوله بِيَمِينِكَ زيادة تصوير لما نفى عنه من كونه كاتبا. ومعنى إِذاً لَارْتابَ لو كان شيء من ذلك أي من التلاوة والخط لارتاب الْمُبْطِلُونَ من أهل الكتاب، وارتاب الذين من شأنهم الركون إلى الأباطيل، لأن النبي إذا كان قارئا كاتبا أمكن أن يسبق إلى الوهم أن الكلام كلامه لا كلام الله، وإذا كان أميا فلا مجال لهذا الوهم. أو المراد أن سائر الأنبياء لم يكونوا أميين ووجب الإيمان بهم لمكان معجزتهم فهبوا أنه قارئ كاتب أليس صاحب آيات ومعجزات فإذا هم مبطلون على كل حال. ثم أكد إزالة ريبهم بقوله بَلْ هُوَ يعني القرآن آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وهو الحفاظ والقراء وسائر الكتب السماوية، ما كانت تقرأ إلا من القراطيس ولهذا جاء في صفة هذه الأمة «صدورهم أناجيلهم» وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا الباهرة النيرة إلا المتوغلون في الظلم. سماهم أولا كافرين لأجل مجرد الجحود، ثم بعد بيان المعجزة سماهم ظالمين لأن الكفر إذا انضم معه الظلم كان أشنع. ويجوز أن يراد بالظلم الشرك كأنهم بغلوهم في الجحود ألحقوا بأهل الشرك حكما أو حقيقة. ولما بين الدليل من جانب النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شبهتهم وهي الفرق بين المقيس والمقيس عليه، وذلك أن موسى أوتي تسع آيات علم بها كون الكتاب من عند الله وأنت ما أوتيت شيئا منها فأرشد الله نبيه إلى الجواب
(1) رواه البخاري في كتاب الشهادات باب 29. كتاب تفسير سورة 2 باب 11. أبو داود في كتاب العلم باب 2. أحمد في مسنده (4/ 136) .
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 391