نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 380
الكافر ويرحم المؤمن إظهارا للهيبة الإلهية. ومنها أنه قال أوّلا إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ثم أعاده هاهنا لأن التعذيب والرحمة قد يكونان عاجلين وكأنه قال: وإن تأخر ثوابكم وعقابكم فإن إلينا إيابكم وعلينا حسابكم وعندنا يدّخر لكم ذلك فلا تظنوا فواته يؤكده قوله وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ وفيه أن الانقلاب إليه لا منه، وذلك أن الإعجاز إما بالهرب وإما مع الثبات وقد نفى الأول بقوله وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ أي لو هبطتم إلى موضع السمك في الماء أو صعدتم إلى محل السماك في السماء لم تخرجوا من قبضة قدرة الله.
وقدّم الأرض على السماء لأن السماء أبعد وأفسح أي إن هربتم من حكمه وقضائه في الأرض الفسيحة أو في السماء التي هي أفسح منها وأبعد فإنكم لا تفوتون الله، والمراد لا تعجزونه كيفما هبطتم في أعماق الأرض أو علوتم إلى البروج المشيدة الذاهبة في السماء كقوله وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: 78] أو أراد لا تعجزون بلاءه الظاهر في الأرض أو النازل من السماء. وجوّز بعضهم أن يراد وما أنتم بمعجزين من في الأرض ولا في السماء بحذف الموصول، واقتصر في الشورى على قوله وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ [العنكبوت: 22] لأنه خطاب للمؤمنين. ونفى الثاني بقوله وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ لأن الركن الشديد الذي يستند إليه إما وليّ يشفع أو ناصر يدفع، والأول أسهل الطريقين فلذلك قدم الوليّ على النصير.
ثم خص الوعيد بالكافرين بآياته أي بدلائل الوحدانية وبالكتب والمعجزات. وفي زيادة قوله أُولئِكَ إشارة إلى أن اليأس من الرحمة منحصر فيهم لقوله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ [يوسف: 87] ونسبة اليأس إليهم إمّا على سبيل الإخبار عن حالهم يوم القيامة، أو على سبيل وصف الحال، فإن وصف المؤمن أن يكون راجيا خاشيا ونعت الكافر أن لا يخطر بباله خوف ولا رجاء بل يكون خائفا كما قيل: الخائن خائف.
وجوز في الكشاف أن يكون على طريقة التشبيه كأنه يشبه حالهم في انتفاء الرحمة عنهم بحال من يئس من رحمة الله. ولعله ذهب إلى هذا التشبه لأن اليأس من رحمة الله متوقف على الاعتراف بالله وبرحمته والكافر غير معترف بواحد من الأمرين. ثم بين بتكرير أولئك في قوله وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أن كل واحد من الوعيدين لا يوجد إلا فيهم وإن كان الوعيدان متلازمين في الحقيقة. ثم حكى أن جواب قوم إبراهيم لم يكن إلا أن قالوا فيما بينهم أو قال واحد ورضي به الباقون اقْتُلُوهُ بالسيف ونحوه أَوْ حَرِّقُوهُ بالنار وهذا ليس
الترمذي في كتاب الدعوات باب 99 ابن ماجة في كتاب المقدمة باب 13. أحمد في مسنده (2/ 242) .
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 380