نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 243
خالطهما شيء من لعابهما، ولأنه لا خلاف في جواز الوضوء بماء السيول وإن تغير لونها إلى ألوان ما تمر عليها في الصحاري من الحشائش وغيرها. هذا كله إذا كان الخليط طاهرا، فإن كان نجسا فمذهب الحسن البصري والنخعي ومالك وداود وإليه الغزالي في الإحياء أن الماء لا ينجس ما لم يتغير بالنجاسة، سواء كان الماء كثيرا أو قليلا. ومذهب أبي حنيفة أن الماء ينجس باستعماله في البدن لأداء عبادة. وتيقن مخالطة النجاسة أو غلبتها على الظن سواء تغير أحد أوصافه الثلاثة أو لم يتغير. قال أبو بكر الرازي: ولا يختلف على هذا الحد ماء البحر وماء البئر والغدير والراكد والجاري لأن ماء البحر لو وقعت فيه نجاسة لم يجز استعمال الماء الذي فيه النجاسة وكذلك الماء الجاري. قال: وأما اعتبار أصحابنا للغدير الذي إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الطرف الآخر فإنما هو كلام في وجه يغلب على الظن عدم بلوغ النجاسة الواقعة في أحد طرفيه إلى الطرف الآخر، وليس كلاما في أن بعض المياه الذي فيه النجاسة قد يجوز استعماله وبعضها لا يجوز استعماله.
ومن الناس من فرق بين القليل والكثير ثم اختلفوا في حد الكثير: فعن عبد الله بن عمر: إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شيء وقال سعيد بن جبير: الماء الراكد لا ينجسه شيء إذا كان قدر ثلاث قلال. وقال الشافعي: إذا كان الماء قلتين بقلال هجر لم ينجسه إلا ما غير طعمه أو ريحه أو لونه. وقد ينصر من المذاهب قول مالك لوجوه منها: قوله وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ترك العمل به في الماء الذي تغير لونه أو طعمه أو ريحه لظهور النجاسة فيه،
ولقوله «خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه» «1»
فبقي ما عداه على الأصل. ومنها قوله تعالى: فَاغْسِلُوا والمتوضئ بهذا الماء قد غسل أعضاءه ولا سيما إذا كانت النجاسة مستهلكة فيه لا يظهر عليه آثارها وخواصها من الطعم أو اللون أو الريح. ومنها أن عمر توضأ من جرة نصرانية مع أن نجاسة أوانيهم غالبة على الظن، فدل ذلك على أنه لم يعول إلا على عدم التغير. ومنها أن تقدير الماء بمقدار معلوم لو كان معتبرا كالقلتين عند الشافعي وعشر في عشر عند أبي حنيفة، لكان أولى المواضع بذلك مكة والمدينة لأنه لا تكثر المياه هنالك لا الجارية ولا الراكدة، ولم ينقل أنهم خاضوا في تقدير المياه ولا أنهم سألوا عن كيفية حفظها، وكانت أوانيهم يتعاطاها الصبيان والإماء الذين لا يحترزون عن النجاسات، وكانوا لا يمنعون الهرة من شرب الماء وقد أصغى لها الإناء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا يرون أنها تأكل الفأرة، ولم يكن في بلادهم حياض تكرع
(1)
رواه البخاري في كتاب الوضوء باب 67. بلفظ «لا بأس بالماء ما لم يغيره طعم أو ريح» .
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 243