نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 5 صفحه : 10
ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ وعظ وتذكير من عالم رباني مُحْدَثٍ إلهامه إلا أنكروه عليه ونسبوه إلى التخليط ونحوه وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً فيه أن الله قادر على أن لا يجعل النبي والولي ذا جسد ولكن اقتضت حكمته كونهم ذوي أجساد آكلين للطعام فإن الطعام للروح الحيواني الذي هو مركب الروح الإنساني كالدهن للسراج، وبالقوى الحيوانية تتم الكمالات النفسانية وتدرك المحسوسات وتستفاد العلوم المستندة إلى الإحساس والتجربة وتفصيله أكثر من أن يحصى. قال بعض المشايخ، لولا الهوى ما سلك أحد طريقا إلى الله وَما كانُوا خالِدِينَ والسر فيه أن يعلموا من الموت حقيقة اسم المميت كما علموا من الحياة حقيقة اسم المحيي.
ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ الذي وعدناهم حين أهبطوا إلى الأرض فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ من متابعيهم من هاوية الهوان وعالم الطبيعة وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ الذين أسرفوا على أنفسهم بالركون إلى أسفل سافلين الطبائع. وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ أهل قَرْيَةٍ قالت فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا وهي شدة قطع التعلق عن الكونين فإن الفطام عن المألوف شديد لا تَرْكُضُوا منا بل ففروا إلينا وَارْجِعُوا إلى التنعمات الروحانية وَمَساكِنِكُمْ الأصلية لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ عزة وكرامة وَما خَلَقْنَا سموات الأرواح وأرض الأجساد، وما بينهما من النفوس والقلوب والأسرار من غير غاية، وإنما خلقناها لتكون لطفنا وقهرنا بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ للحق ثلاث مراتب: مرتبة أفعال الحق ومرتبة صفات الحق ومرتبة ذات الحق، ففي كل مرتبة يتجلى الحق فيها للعبد، أرهق باطل تلك المرتبة عن العبد حتى إذا تجلى له بأفعاله ذهب عنه باطل الأفعال، وإذا تجلى له بصفاته ذهب باطل صفاته، وإذا تجلى له بذاته في ذاته فيقول: أنا الحق وسبحاني والويل لمن لم يذهب باطله بإحدى هذه المراتب فيبقى متصفا بالوجود المجازي.