نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 484
والثاني من عيسى والكثير منه لا يبلغ معشار سلام الله. عن بعضهم أن عيسى عليه السلام قال ليحيى: أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت على نفسي. وأجاب الحسن بأن تسليمه على نفسه هو تسليم الله عليه. وقال جار الله: في هذا التعريف تعريض باللعنة على متهمي مريم وأعدائها من اليهود لأنه إذا زعم أن جنس السلام خاصته فقد عرض بأن ضده عليهم نظيره في قصة موسى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى [طه: 47] يعني أن العذاب على من كذب وتولى. يروى أنه كلمهم بهذه الكلمات ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغا يتكلم فيه الصبيان. وعن اليهود والنصارى أنهم أنكروا تكلم عيسى في المهد قائلين إن هذه الواقعة مما يتوفر الدواعي على نقلها، فلو وجدت لا شتهرت وتواترت مع شدة غلو النصارى فيه وفي مناقبه. وأيضا إن اليهود مع شدة عداوتهم له لو سمعوا كلامه في المهد بالغوا في قتله ودفعه في طفوليته. وأجاب المسلمون من حيث العقل بأنه لولا كلامه الذي دلهم على براءتها من الذي قذفوها به لأقاموا عليها الحد ولم يتركوها، ولعل حاضري كلامه قليلون فلذلك لم يبلغ مبلغ التواتر، ولعل اليهود لم يحضروا هناك فلذلك لم يشتغلوا وقتئذ بدفعه والله أعلم. ذلِكَ الموصوف بالصفات المذكورة من قوله: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ إلى آخره هو عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وفي كونه ابن لهذه المرأة نفى كونه ابنا على ما زعمت الضالة وأكد هذا المعنى بقوله: قَوْلَ الْحَقِّ فإن كان الحق هو اسم الله فهو كقوله: «كلمة الله» وانتصابه على المدح، وإن كان بمعنى الثابت والصدق فانتصابه على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة المتقدمة كقولك «هو عبد الله الحق» وقَوْلَ الْحَقِّ من إضافة الموصوف إلى الصفة مثل حَقُّ الْيَقِينِ [الواقعة: 95] قد مر آنفا. وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف. ومعنى تمترون تشكون من المرية الشك، أو المراد يتمارون من المراء اللجاج وذلك أن اليهود قالوا: ساحر كذاب، وقالت النصارى ابن الله وثالث ثلاثة.
ثم صرح ببطلان معتقدهم فقال: ما كانَ لِلَّهِ ما صح له وما استقام أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ كما لا يستقيم أن يكون له شريك، وقد مر مثل هذه الآية في سورة البقرة. والذي نزيده هاهنا أن بعضهم قال: معنى الآية ما كان الله أن يقول لأحد إنه ولدي لأن هذا الخبر كذب والكذب لا يليق بحكمته تعالى. وزعم الجبائي بناء على هذا التفسير أنه ليس لله أن يفعل كل شيء لأن قوله: ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ كقولنا «ما كان لله أن يظلم» فلا يليق شيء منها بحكمته وكمال إلهيته. وأجيب بأن الكذب على الله محال، والظلم تصرف في ملك الغير فلا يتصوّر في حقه. فإن أردتم هذا المعنى فلا نزاع، وإن أردتم شيئا آخر
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 484