نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 477
وقيل: في مشربة للاغتسال من الحيض محتجبة بحائط أو شيء يسترها. وقيل: كانت في منزل زوج أختها زكريا ولها محراب على حدة تسكنه، وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها بابها فتمنت أن تجد خلوة في الجبل لتفلي رأسها، فانفجر السقف لها فخرجت وجلست في المشرفة وراء الجبل فأتاها الملك وذلك قوله: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
يعني جبرائيل لأن الدين يحيا به وبوحيه، والإضافة للتشريف والتسمية مجاز كما تقول لمن تحبه إنه روحي فَتَمَثَّلَ لَها
حال كونه بَشَراً سَوِيًّا
تام الخلق أو حسن الصورة. وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر عنه، وتدرع الروحاني كجبريل مثلا تارة بالهيكل العظيم وأخرى بالصغير غير مستبعد، والذين اعتقدوا أن جبرائيل جسماني جوزوا أن يكون له أجزاء أصلية قليلة وأجزاء فاضلة، فبتلك الأجزاء الأصلية يكون متمكنا من التشبه بصورة الإنسان، ولندرة أمثال هذه الأمور لا يلزم منها قدح في العلوم العادية المستندة إلى الإحساس. فلا يلزم الشك في أن زيدا الذي نشاهده الآن هو الذي شاهدناه بالأمس. قوله:
إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
أي إن كان يرجى منك أن تتقي الله وترجع بالاستعاذة به فإني عائذة به منك. وقيل: إنه كان في ذلك العصر إنسان فاجر اسمه تقي وكان يتتبع النساء فظنت أن ذلك المتمثل هو ذلك الشخص فاستعاذت بالله. وقيل: «إن» نافية أي ما كنت تقيا حين استحللت النظر إلي وخلوت بي. وحين علم جبريل خوفها قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
أرسلني لِأَهَبَ لَكِ
أو ليهب لك غُلاماً زَكِيًّا
طاهرا من الذنوب ينمو على النزاهة والعفة. وكيف زال خوفها بمجرد القيل؟ احتمل أن يكون قد ظهر لها معجزة من جهة زكريا أو إرهاصا لعيسى أو إلهاما من الله سبحانه. وهل تقدر الملائكة على تركيب الأجزاء وخلق الحياة والنطق حتى صح قول جبرائيل لِأَهَبَ لَكِ
؟ قال: اجتمعت الأمة على أن لا قدرة للأجسام على إيجاد الجواهر وإعدامها وإلا فلا استبعاد في تأثير بعض الأجسام في بعضها الخاصية خصها الله بها. ووجه صحة هذه القراءة أن جبرائيل صار سببا في الهبة بالنفخ في الدرع.
قالَتْ استغرابا من حيث العادة لا تشكيكا في قدرة الله أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ولم تقل هاهنا «رب» إما لأنها تخاطب جبرائيل، وإما اكتفاء بما سلف في آل عمران وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا هي الفاجرة التي تبغي الرجال. عن المبرد أن أصله يغوى على «فعول» قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء وكسرت الغين للمناسبة. عن ابن جنى أنه «فعيل» وإلا لقيل بغو كنهو عن المنكر خصصت بعد ما عممت لزيادة الاعتبار بهذا الخزي تبرئة لساحتها عن الفحشاء. ولما جرى في أول القصة من تمثل جبرائيل لها بصورة البشر
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 477