نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 384
السمسم وماء الورد في الورد. وهذا النفوذ هو المراد بقوله: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [ص: 72] ثم إذا تولد في البدن من أخلاط غليظة منعت من سريان تلك الأجسام فيها، فانفصلت لذلك عن البدن فحينئذ يعرض الموت للجوهر.
وقال الإمام فخر الدين الرازي: هذا مما ذهب إليه ثابت بن قرة وغيره وهو مذهب قوي شريف يجب التأمل فيه فإنه شديد المطابقة لما في الكتب الإلهية من أحوال الحياة والموت. قلت: أما نفوذ الجوهر النوري في البدن كنفوذ الدهن في السمسم فمسلم، وأما أنه أجرام وأجسام ففيه نظر، واعلم أنه لم يذهب أحد إلى أن الإنسان جسم خارج عن البدن، ولا إلى أنه عرض حال في البدن إلا ما نقل عن الأطباء، وعن أبي الحسين البصري من المعتزلة، أن الإنسانية عبارة عن امتزاجات أجزاء العناصر بمقدار مخصوص وعلى نسبة معلومة تخص هذا الصنف. ومن شيوخ المعتزلة من قال: الإنسان عبارة عن أجزاء مخصوصة بشرط كونها موصوفة بأعراض مخصوصة هي الحياة والعلم والقدرة.
ومنهم من قال: إنه يمتاز عن سائر الحيوانات بشكل جسده وهيئة أعضائه. والصحيح من المذاهب عند أكثر علماء الإسلام- كالشيخ أبي القاسم الراغب الأصفهاني والشيخ أبي حامد الغزالي، من قدماء المعتزلة معمر بن عباد السلمي، ومن الشيعة الشيخ المفيد رضي الله عنه، ومن الكرامية جماعة، ومن الفلاسفة الإلهيين كلهم- أن الروح الإنساني جوهر مجرد ليس داخل العالم الجسماني ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه، ولكنه متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف كما أن إله العالم لا تعلق له بالعلم إلا على سبيل التصرف والتدبير، ومهما انقطعت علاقته عن البدن بقي البدن معطلا ميتا. واستدلوا على هذا المطلوب بحجج منها ما اختاره الإمام فخر الدين الرازي وهي لو كان الإنسان جوهرا متحيزا لكان كونه متحيزا عن ذاته المخصوصة إذ لو كان صفة قائمة بها لزم كون الشيء الواحد متحيزا مرتين ولزم اجتماع المثلين. وأيضا لم يكن جعل أحدهما ذاتا والآخر صفة أولى من العكس. وأيضا التحيز الثاني إن كان عين الذات فهو المقصود، وإن كان صفة لزم التسلسل، وإذا كان التحيز عين ذاته لزم أنه متى عرف ذاته عرف تحيزه لكنا قد نعرف ذاتنا مع الجهل بالتحيز والامتداد في الجهات الثلاث وذلك ظاهر عند الاختبار والامتحان، وإذا كان اللازم باطلا فالملزوم منتف وعورض بأنه لو كان الإنسان جوهرا مجردا لكان كل من عرف ذاته عرف تجرده وليس كذلك. وأجيب بالفرق بين التحيز- وهو صفة ثبوتية- وبين التجرد وهو صفة سلبية، ومنها أن الشيء الذي يشير إليه كل
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 384