نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 172
الحق لأنه وقع عنه في الطرف الآخر فبينهما غاية الخلاف. ويمكن أن يكون إسنادا مجازيا باعتبار أن صاحبه بعيد عن طريق الحق.
ثم لما منّ على المكلفين بإنزال الكتاب وإرسال الرسول ذكر أن من كمال تلك النعمة أن يكون ذلك الكتاب بلسان المرسل إليهم. احتج أصحاب أبي هاشم بالآية على أن اللغات اصطلاحية وضعها البشر واحد وجماعة وحصل التعريف للباقين بالإشارة والقرائن كالأطفال. قالوا: إن كانت توقيفية والتوقيف إنما يكون بالوحي والوحي موقوف على لغة سابقة لقوله: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ أي بلغتهم لزم الدور.
أجيب بأن الآية تختص برسول له قوم ولا قوم لآدم فينتهي التوقيف إليه فيندفع الدور.
وتمسك طائفة من اليهود- يقال لهم العيسوية- بهذه الآية في أن محمدا رسول الله ولكن إلى العرب لأنهم قومه وهم الذين عرفوا فصاحة القرآن وإعجازه، فيكون القرآن حجة عليهم لا على غيرهم. والجواب سلمنا أن قومه هم العرب ولكن قوم النبي أخص من أهل دعوته. فقد يكون أهل دعوته الناس كافة بل الثقلين كما في حق نبينا صلى الله عليه وسلم لأن التحدي وقع بالفريقين في قوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ [الإسراء: 88] وإنما يكون أولى الألسنة لسان قوم الرسول لأنهم أقرب إليه فيرسل الرسول أوّلا إليهم ليبين لهم فيفقهوا عنه ما يدعوهم إليه، ثم ينوب التراجم في كل أمة من أمم دعوته مقام الأصل ويكفي التطويل ويؤمن اللبس والتخليط ويوجب للمفسرين الثواب الجزيل في التعلم والتعليم والإرشاد والاجتهاد. وقالت المعتزلة: إن مقدمة هذه الآيات وهي قوله: لِتُخْرِجَ النَّاسَ ووسطها وهو قوله: لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فإن فائدة النبيين إنما تظهر إذا كان للمكلف قدرة واختيار، وآخرها وهو قوله الْحَكِيمُ فإن الحكمة تنافي خلق الكفر، والقبائح تدل على صحة مذهب الاعتزال. وقالت الأشاعرة: قوله: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وقوله: فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وقوله: الْعَزِيزُ فإن العزة لا تجامع أن يكون لغيره قدرة وتصرف يؤيد مذهبنا. أقول:
نحن قد حققنا مسألة الجبر مرارا فتذكر. ومما يخص هذا الموضع قول الفراء إذا ذكر فعل وبعده فعل آخر فإن لم يكن النسق مشاكلا للأول فالرفع على الاستئناف هو الوجه كقوله:
لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ [الحج: 5] بالرفع نظيره في الآية قوله: فَيُضِلُّ بالرفع على الاستئناف كأنه قال: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليكون بيانه لهم تلك الشرائع بلغة ألفوها واعتادوها. ومع ذلك فإن المضل والهادي هو الله والبيان لا يوجب حصول الهداية إلا إذا جعله الله واسطة وسببا لما بين أن المقصود من بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، أراد أن يبين أن الغرض من إرسال جميع الأنبياء لم يكن
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 4 صفحه : 172