نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 3 صفحه : 303
حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ لأني قائم بحقائق الجمع فان على الخلق وآثار التفرقة فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ لأنه أضاف العصا إلى نفسه في قوله هِيَ عَصايَ [طه: 18] ويعلم منه أن كل شيء أضفته إلى نفسك وجعلته محل حاجاتك فإنه ثعبان يبتلعك ولهذا قيل أَلْقِها يا مُوسى [طه: 19] فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ فيه أن الأيدي قبل تعلقها بالأشياء كانت بيضاء نقية نورانية روحانية وأن اليد لموسى كانت روحانية في جميع الأوقات ولكن ما كانت نورانيتها منظورة للناظرين إلا بإظهار الله تعالى في بعض الأوقات خرقا للعادات على يده الجسمانية يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ لا شك أن موسى أراد أن يخرجهم من أرضهم ولكن من أرض بشريتهم إلى نور الروحانية. قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ توهموا أن التأخير وحسن التدبير يغير شيئا من التقدير، ولم يعلموا أن عند حلول الحكم لا سلطان للعلم والفهم. أإن لنا لأجرا لم يعلموا أن أجرهم في المغلوبية لا في الغالبية قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ أجرى الله تعالى هذا على لسان فرعون حقا وصدقا فصاروا مقربين عند الله قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ أكرموا موسى بالتقديم والاستئذان فأكرمهم الله تعالى بالسجود والإيمان بِسِحْرٍ عَظِيمٍ أي عظيم في الإثم كما قال سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ وعظمة إثم السحر لمعارضة المعجزة فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ فيه أن عصا الذكر إذا ألقيتها عند إلقاء سحر سحرة صفات النفس تبتلع بفم لا النفي جميع ما سحروا به أعين الناس فَوَقَعَ الْحَقُّ بإثبات لا إله إلا الله وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من تزيين زخارف الدنيا في العيون فَغُلِبُوا أي سحرة صفات النفس إذ تنوّرت بنور الذكر وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ ذليلين تحت أوامر الشرع ونواهيه وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ أي صارت صفات النفس بعد التمرد منقادة للعبودية. رَبِّ مُوسى الروح وَهارُونَ القلب. واعلم أن صفات النفس إذا تنوّرت بنور الذكر يتبدل كفرها بالإيمان ولكن النفس بذاتها لا تؤمن ولا تتبدل اللهم إلا عند غرقها في بحر الواردات والمواهب الربانية كحال فرعون وإيمانه عند الغرق. وفي القصة دلالة على أنه تعالى قد يبرز العدوّ في صورة الولي مثل بلعام وبالعكس كالسحرة قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ هذا من جملة جهل فرعون، ظن أن الإيمان بإذنه ولم يعلم أن الإيمان بإذن الله لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ في موافقة موسى الروح في مدينة القالب لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها هو اللذات والشهوات البدنية لَأُقَطِّعَنَّ بسكين التسويل عن الأعمال الصالحة وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ
تعلقات الدنيا وزخارفها والله أعلم.