responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي    جلد : 2  صفحه : 55
إذا حضر عندك رجلان أحدهما عاقل وقور والآخر طياش خفيف وأردت أن تمدح أحدهما وتذم الآخر قلت: فلان رجل عاقل وقور قليل الكلام ليس بخواض ولا مهذار. لم يكن غرضك من قولك «ليس بخواض ولا مهذار» وصفه بذلك لأن ما تقدم من الأوصاف الحسنة يغني عنه، بل غرضك التنبيه على سوء طريقة الثاني. وقيل: معناه لا يتركون السؤال إلا بإلحاح شديد منهم على أنفسهم لشدة حاجتهم كقوله:
ولي نفس أقول لها إذا ما ... تنازعني لعلي أو عساني
وقيل: إن عدم السؤال بطريق الإلحاف يتضمن نفي السؤال عنهم رأسا لأن كل سائل فلا بد أن يلح في بعض الأوقات كأنه يقول: إذا أرقت ماء وجهي فلا أرجع بغير مقصود.
وقيل: لعل الساكت عن السؤال يطهر من نفسه أمارات الحاجة فيكون في حال سكوته أنطق ما يكون فترق القلوب له، فالمراد أنهم وإن سكتوا عن السؤال لكنهم لا يضمون إلى ذلك السؤال من رثاثة الحال وآثار الانكسار ما يقوم مقام السؤال فإن ذلك نوع إلحاف، بل يتجملون للخلق بحيث لا يطلع على سرهم غير الخالق.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفتح أحد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ومن يستغن يغنه الله ومن استعف يعفه الله» «1»
«لأن يأخذ أحدكم حبلا يحتطب به فيبيعه بمد من تمر خير له من أن يسأل الناس» «2»
وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ فيه أن ثواب هذا الإنفاق الذي هو أعظم المصارف لا يكتنه كنهه فلذلك وكل إلى علم الله تعالى بخلاف الآية المتقدمة فإنه لما رغب في التصدق على أهل الأديان قال في آخره وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ كما لو قال السلطان لعبده الذي حسن عنده موقع خدمته: إني بحسن خدمتك عالم ولحقك عارف. كان أبلغ مما لو قال: إن أجرك واصل إليك. ثم أرشد في خاتمة الآيات إلى أكمل وجوه الإنفاقات بقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ الآية. وذلك أن الذين يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة يكون ذلك منهم دليلا على الحرص البالغ والاهتمام التام كلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروه متعللين بوقت وحال. والباء بمعنى «في» أي في الليل والنهار وسِرًّا وَعَلانِيَةً منصوبان على الظرفية أيضا أي في أوقات السر والعلن، أو على وصف المصدر أي إنفاقا سرا وعلانية، أو على الحال لكونه بيانا عن كيفية الإنفاق. وقيل: لما نزل

(1) رواه الترمذي في كتاب الزهد باب 17. أحمد في مسنده (1/ 193) .
(2) رواه البخاري في كتاب الزكاة باب 50، 53. الترمذي في كتاب الزكاة باب 38. النسائي في كتاب الزكاة باب 85. أحمد في مسنده (1/ 124) ، (2/ 243) .
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي    جلد : 2  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست