نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 2 صفحه : 465
وذلك أنها نزلت في قوم من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابوا وباء المدينة وحماها فقالوا: يا رسول الله نريد أن نخرج إلى الصحراء فأذن لنا فيه فأذن لهم. فلما خرجوا لم يزالوا يرحلون مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين. فتكلم المؤمنون فيهم فقال بعضهم: نافقوا. وقال بعضهم: هم مسلمون. فبين الله نفاقهم. وقال مجاهد وقتادة: هم قوم هاجروا من مكة ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا. وعن زيد بن ثابت: هم الذين تخلفوا يوم أحد وقالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم. وطعن بعضهم في هذا القول بأن نسق الكلام وهو قوله: حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يأباه إذ الهجرة تكون من مكة إلى المدينة. وعن عكرمة: هم قوم أخذوا أموال المشركين وانطلقوا بها إلى اليمامة. وقيل: هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يسارا مولى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن زيد: نزلت في أهل الإفك. قال الحسن: سماهم المنافقين وإن أظهروا الكفر باعتبار حالهم التي كانوا عليها. وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ الركس والإركاس رد الشيء مقلوبا. ويقال للرفث الركس لأنه رد إلى حالة خسيسة وهي حال النجاسة ويسمى رجيعا أيضا لذلك والمراد ردهم إلى أحكام الكفار من الذل والصغار والسبي والقتل بِما كَسَبُوا أي بما أظهروا من الارتداد بعد ما كانوا على النفاق وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا لأن المخلوق لا يقدر على تبديل خلق الخالق وعلى خلاف مقتضى إرادته ومشيئته.
وهذا ظاهر في المقصود. والمعتزلة يقولون: قوله: أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أي بسبب كسبهم وفعلهم ينفي القول بأن ضلالهم حصل بخلق الله فإذن المراد من إضلال الله حكمه بضلالهم كما يقال: فلان يكفر فلانا أي ينسبه إلى الكفر ويحكم عليه بذلك. أو المراد إضلالهم عن طريق الجنة وهو مفسر بمنع الألطاف. ثم ذكر أنهم بالغوا في الكفر إلى أن تمنوا أن تصيروا كفارا فكيف تطمعون في إيمانهم وهو قوله: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً أي في الكفر. والمراد فتكونون أنتم وهم سواء إلّا أنه اكتفى بذكر المخاطبين عن ذكر غيرهم لتقدم ذكرهم. وقوله: فَتَكُونُونَ عطف على تَكْفُرُونَ.
فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا أي حتى يضموا إلى إيمانهم المهاجرة الصحيحة المعتمدة وهي الهجرة في سبيل الله لا لغرض من الأغراض الفانية مثل
قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم قام بين أظهر المشركين وأنا بريء من كل مسلم مع مشرك» [1] .
وكانت الهجرة واجبة إلى أن فتحت مكة.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة «لا هجرة [1] رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب 95. النسائي في كتاب القسامة باب 27.
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 2 صفحه : 465