نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 2 صفحه : 443
وَالصِّدِّيقِينَ. وفي صفة إبراهيم إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم: 41] يعني أنك إن ترقيت من الصديقين وصلت إلى النبوة وإن نزلت من النبوة وصلت إليهم. وأما الشهداء فالمراد بهم هاهنا أعم من المقتولين بسيف الكفار من المسلمين.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول من قتل في سبيل الله. قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل. «من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات بالبطن فهو شهيد.»
وفي رواية «ومن مات بجمع فهو شهيد» [1] .
وقيل: هو الذي يشهد لصحة دين الله تارة بالحجة والبيان وأخرى بالسيف والسنان. وأقول: لا يبعد أيضا أن يدخل كل هذه الأمة في الشهداء لقوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة: 143] . وأما الصالحون فالصالح هو الذي صلح في اعتقاده وفي عمله وهذه مرتبة لا ينبغي أن تنحط عنها مرتبة المؤمن. ثم قال في معرض التعجب وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً كأنه قيل: وما أحسن أولئك. والرفيق كالصديق والخليط في استواء الواحد والجمع فيه وانتصابه على الحال، ويجوز أن يكون مفردا بيّن به الجنس في باب التمييز.
وقيل: معناه حسن كل واحد منهم رفيقا كما قال يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [الحج: 5] والرفق في اللغة لين الجانب ولطافة الفعل فسمي الصاحب رفيقا لارتفاقك به وتصحيبه، ومن الرفقة في السفر لارتفاق بعضهم ببعض. وقد يكون الإنسان مع غيره ولا يكون رفيقا له فبيّن الله تعالى أن الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين يكونون كالرفقاء للمطيع من شدة محبتهم له وسرورهم برؤيته. ذلِكَ مبتدأ والْفَضْلُ صفته ومِنَ اللَّهِ خبره، أو ذلِكَ مبتدأ والْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ خبره. قالت المعتزلة: ذلك إشارة إلى الأجر العظيم ومرافقة المنعم عليهم من الأنبياء وهذا شيء تفضل الله به عليهم تبعا لثوابهم الواجب على الله. أو أراد أن فضل المنعم عليهم ومزيتهم من الله لأنهم اكتسبوه بتمكينه وتوفيقه ولولا أنه أعطى العقل والقدرة وأزاح الأحذار والموانع لم يتمكن المكلف من فعل الطاعة فصار ذلك بمنزلة من وهب غيره ثوبا لينتفع به فإذا باعه وانتفع بثمنه جاز أن يوصف ذلك الثمن بأنه فضل من الواهب. وقال أهل السنة: ذلك إشارة إلى جميع ما تقدم ولا يجب على الله شيء البتة بل الثواب كله فضل من الله، وكيف يجب عليه شيء وإنه هو الذي خلق القدرة والداعية؟
وأيضا الوجوب عبارة عن استحقاق الذم عند الترك وأنه ينافي الإلهية. وأيضا كل ما فرض من الطاعات فإنه في مقابلة النعم السالفة التي لا تعدّ ولا تحصى فيمتنع كونها موجبة الثواب في المستقبل. معنى الآية أن ذلك الثواب بكمال درجته كأنه هو الفضل وما عداه غير معتمد [1] رواه مسلم في كتاب الإمارة حديث 165.
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 2 صفحه : 443