نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 2 صفحه : 326
الحمد عليه ووصفه بسداد السيرة وحسن السريرة. ونحن إذا أنصفنا من أنفسنا وجدنا أكثر مجاري أمورنا على هذه الحالة، فنسأله العصمة والهداية. ثم ختم الكلام بقوله: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والغرض أنه كيف يرجو النجاة من كان معذبه هذا القادر الغالب؟
التأويل:
هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ كل واحد من صفتي البخل والسخاء بمنزلة الإكسير حتى يجعل الخير شرا وبالعكس. سَيُطَوَّقُونَ شبه بالطوق لأنه يحيط بالقلب ومنه ينشأ معظم الصفات الذميمة كالحرص والحسد والحقد والعداوة والكبر والغضب والبخل
«حب الدنيا رأس كل خطيئة» .
وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الإنسان وارث الدنيا والآخرة أولئك هم الوارثون. والوارث إذا مات من غير وارث فميراثه لبيت المال. فالإشارة فيه أن من غلب عليه هذه الصفات ومات قلبه فقد بطل استعداد وراثته فميراثه لله إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ فيه أن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى، فيعكس القضايا فيصف الرب بصفات العبد والعبد بصفات الرب وذلك لغلبة الصفات الذميمة واستيلاء سلطان الهوى والشيطان، فيقول تارة: أنا ربكم الأعلى، وتارة إن الله فقير ونحن أغنياء. بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قالت يهود صفات النفس البهيمية والسبعية والشيطانية لا ننقاد لرسول أي لخاطر رحماني أو إلهام رباني حتى يأتينا بقربان هو الدنيا وما فيها يجعلها نسيكة لله عز وجل، تأكله نار الله الموقدة التي تقدح من زناد محبتهم، فإن كثيرا من الطالبين الصادقين يجعلون الدنيا وما فيها قربانا لله فلا تأكله نار الله. قل يا وارد الحق قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي أي واردات الحق بالبينات بالحجج الباهرة وَبِالَّذِي قُلْتُمْ أي بجعل الدنيا قربانا فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ غلبتموهم ومحوتموهم حتى لم يبق أثر الواردات. كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ كلهم مستعدون للفناء في الله، ولا بد لها من موت. فمن كان موته بالأسباب تكون حياته بالأسباب، ومن كان فناؤه في الله يكون بقاؤه بالله. لَتُبْلَوُنَّ بالجهاد الأكبر وَلَتَسْمَعُنَّ من أهل العلم الظاهر ومن أهل الرياء أَذىً كَثِيراً بالغيبة والملامة والإنكار والاعتراض وَإِنْ تَصْبِرُوا على جهاد النفس وَتَتَّقُوا بالله عما سواه فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي من أمور أولي العزم فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35] والله أعلم.