responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 29  صفحه : 195
قوله: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ} بدل بعض لأن إلقاء المحبة يكون سرًا وجهرًا.
وقوله تعالى: {وَأَنَا أَعْلَمُ} حال من فاعل {تُسِرُّونَ}؛ أي: تسرون إليهم بالمودة والنصيحة، والحال أني أعلم منكم {بِمَا أَخْفَيْتُمْ}؛ أي: بما أضمرتم في صدوركم من مودة الأعداء {وَمَا أَعْلَنْتُمْ}؛ أي: وما أظهرتم بألسنتكم من الاعتذار وغير ذلك. فإذا علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي .. فأي فائدة في الإسرار والاعتذار. والباء في {بِمَا} زائدة، يقال: علمت كذا، وعلمت بكذا. وهذا على أن {أَعْلَمُ} مضارع. وقيل: هو أفعل تفضيل. أي: أعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون.
ثم توعد من يفعل ذلك، وشدد النكير عليه، وذكر ما فيه أعظم الزجر، فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ}؛ أي: يفعل الاتخاذ المنهي عنه. أي: ومن يفعل {مِنْكُمْ} أيها المؤمنون ما نهيت عنه من موالاتهم. والأقرب عَوْدُ الضمير إلى الإسرار. أي: ومن يفعل إسرار النصيحة للكفار {فَقَدْ ضَلَّ} وأخطأ {سَوَاءَ السَّبِيلِ}؛ أي: طريق الحق والصواب الموصل إلى الفوز بالسعادة الأبدية. وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. و {ضَلَّ} متعد، و {سَوَاءَ السَّبِيلِ} مفعوله. ويجوز أن يجعل قاصرًا وينتصب {سَوَاءَ السَّبِيلِ} على الظرفية.
قال القرطبي [1]: هذا كله معاتبة لحاطب وهو يدل على فضله ونصيحته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدق إيمانه، فإن المعاتبة لا تكون إلا من حبيب لحبيب كما قيل من الوافر:
إِذَا ذَهَبَ الْعِتَابُ فَلَيْسَ وُدٌّ ... وَيَبْقَى الْوُدُّ مَا بَقِيَ الْعِتَابُ
والعتاب: إظهار الغضب على أحد لشيء مع بقاء المحبة بالترك. وقال بعضهم: العتاب: لوم الحبيب حبيبه على أمر غير لائق به، كما في الدمنهوري في العروض.
وفي الآية [2] إشارة إلى عداوة النفس والهوى والشيطان، فإنها تبغض عبادة الله، وتبغض عباد الله أيضًا إذا لم يكونوا مطيعين لها في إنفاذ شهواتها وتحصيل

[1] قرطبي.
[2] روح البيان.
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 29  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست