responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 29  صفحه : 148
الذل والهوان، وفرقوهم شذر مذر، وجعلوهم عبيدًا أذلاء في بلادهم، والتهموا ثرواتهم، ولم يبقوا لهم إلا النفاية وفتات الموائد، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وعسى الله أن يأتي بالفتح ونصر من عنده، فيستيقظ المسلمون من سباتهم، ويثوبوا إلى رشدهم، فيستعيدوا سابق مجدهم، وتدول الدولة لهم:
فيومٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا ... وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ
ثم زاد ما سلف توكيدًا، فقال: {تَحْسَبُهُمْ} يا محمد، أو يا كلّ من يسمع ويعقل {جَمِيعًا}؛ أي: مجتمعين متفقين، ذوي ألفة واتحاد {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}؛ أي: والحال أن قلوبهم متفرقة لا ألفة بينها، وهم بخلاف من وصفهم الله بقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}. جمع شتيت، كمرض ومريض، وهذا التخالف هو البأس السابق الذي بينهم الموصوف بالشدة.
وقرأ الجمهور [1]: {شَتَّى} بألف التأنيث، ومبشر بن عبيد منونًا، جعلها ألف الإلحاق وعبد الله {وقلوبهم أشت}؛ أي: أشد تفرقًا. ومما ورد في استعمال {شَتَّى} في كلام العرب قول الشاعر:
إِلَى اللهِ أَشْكُوْ فِتْيَةً شَقّتِ الْعَصَا ... هِي الْيَوْمَ شَتّى وَهْيَ أَمْسِ جَمِيْعُ
والمعنى: أي إنك أيها الرسول إذا رأيتهم مجتمعين .. خلتهم متفقين وهو مختلفون غاية الاختلاف لما بينهم من إحن وعداوات. فهم لا يتعاضدون ولا يتساندون ولا يرمون عن قوس واحدة.
وفي هذا: تشجيع للمؤمنين على قتالهم، وحث للعزائم الصادقة على حربهم؛ فإن المقاتل متى عرف ضعف خصمه .. ازداد نشاطًا، وازدادت حميته، وكل ذلك من أسباب نصرته عليه.
تنبيه [2]: على أن اللائق بالمؤمن الاتفاق والاتحاد صورة ومعنى، كما كان المؤمنون متفقين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويقال: الاتفاق قوة، والافتراق هلكة، والعدو إبليس يظفر في الافتراق بمراده. قال سهل: أهل الحق مجتمعون أبدًا موافقون، وإن تفرقوا بالأبدان وتباينوا بالظواهر، وأهل الباطل متفرقون أبدًا وإن

[1] البحر المحيط.
[2] روح البيان.
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 29  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست