نام کتاب : حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي نویسنده : الشهاب الخفاجي جلد : 1 صفحه : 218
مرغوبا فيها، وإضاعتها في تعطيلها تدلّ على ابتذالها كالسوق إذا شوهدت قائمة دلت على نفاق سلعتها ونفاقها يدلّ على توجه الرغبات إليها، وتوجه الرغبات يستدعي الاستدامة بخلافها إذا لم تكن قائمة، فالمراد بقوله من قامت السوق أنه من بابه فهو مثله لا منقول منه، وردّ بأنه مخالف لصريح لفظه ولا يبقى حينئذ للاستشهاد بالبيت معنى، لأنّ إقامة الصلاة بمعنى التعديل إذا صارت شائعة جاز أن تجعل كناية كيف والكلام فيه، وقال قدّس سرّه: نفاق السوق كانتصاب الشخص في حسن الحال، والظهور التام فاستعمل القيام فيه والإقامة في إنفاقها أي جعلها نافقة، ثم استعيرت منه للمداومة على الشيء، فإنّ كلاً من الإنفاق والمداومة يجعل متعلقه مرغوبا متنافسا فيه متوجها إليه، وقد أورد عليه أنّ هذه المشابهة خفية جداً، وأيضا الأصل أعني أقام السوق مجاز فالتجوّز منه ضعيف، ودفع الأوّل بالحمل على المجاز المرسل بعلاقة اللزوم فإنّ الإنفاق يستلزم المداومة عادة، وأنت تعلم أنّ هذا الحمل على تقدير صحته خلاف ما في الكتاب والثاني بأنه صار بمنزلة الحقيقة اهـ وقيل في دفع الأوّل أيضاً: بأنّ في ذلك الخفاء دقة لا تفضي إلى التعقيد المعنويّ بل تجعله غير عامي مبتذل للطفه حتى لا يقف عليه إلاً الخواص، وهذا موجب للمدح لا مقتض للقدح، فإن قلت: إذا كان بمعنى المداومة والمحافظة والمواظبة ينبغي أن يتعدى بعلى لأنها تتعدّى بها، كما قال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قلت إذا تجوّز بلفظ عن بمعنى آخر، وكان عملهما في الحرف الذي تعدّيا به مختلفاً يجوز فيه إعماله عمل لفظ الحقيقة، وعمل لفظ المجاز ويكون ذلك كالتجريد والترشيح ألا ترى أن نطقت الحال بكذا بمعنى دلت وتعديه بعلى، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. قوله: (أقامت غزالة إلخ) غزالة علم امرأة شبيب الخارجي الذي قتله الحجاج، وهي من شجعان النساء لما قتل زوجها خرجت بعسكر على الحجاح تطلب دمه، وحاربته سنة كاملة وهجمت عليه، فهرب فصلت في جامعه صلاة الصبح بسورة البقرة إظهاراً لامتهانه، وقصتها مشهورة كما في كامل المبرد واليها يشير القائل يهجو الحجاج: أسدعليّ وفي الحروب نعامة فتخاءتنفرمن صفيرالصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى إذ كان قلبك في جناحي طائر
وهذا البيت من قصيدة طويلة من بحر المتقارب، لأيمن بن خريم الأنصاري أوّلها:
أبى الجبناء من أهل العراق على الله والناس إلا سقوطا
أيهزمهم مائتا فارس من السافكين الحرام العبيطا
وخمسون من مارقات النسا يجرّون للمندبات المروطا
وهم مائتا ألف ذي قونس) 1 (يئط العراقان منه أطيطا
رأيت غزالة إذ طرّحت بمكة هودجهاوالغبيطا
سمت للعراقين من سومها فلاقى العراقان منها البطيطا (2 (
ألا يتقي الله أهل العراق إذا قلدوا الغانيات السموطا
وخيل غزالة تغتالهم فيقتل كهل الوفاءالوسيطا
وخيل غزالة تحوي النهاب وتسبي السبايا وتجبي النبيطا
أقامت غزالة سوق الضراب أهل العراقين حولاً قميطا
وسوق الضراب استعارة مكنية وتخييلية أو تمثيلية أو تصريحية في السوق، وفي الأساس
رأيته يكر في سوق الحرب في حومة القتال ووسطه، والعراقان البصرة والكوفة، وقميط بالطاء المهملة بمعنى تامّ وقيل إنه كناية عن التمام كأنه شدّ في قماط أي حبل، وترك في جانب والضراب كالقتال لفظاً، ومعنى والحول والعام والسنة بمعنى. قوله: (فإنه إذا حوفظ إلخ) إشارة إلى وجه الشبه فيهما وهو الرغبة كما مرّ بيانه. قوله: (أو يتشمرون إلخ) قال في المصباح: التشمر في الأمر السرعة فيه والخفة، ومنه قيل شمر في العبادة
نام کتاب : حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي نویسنده : الشهاب الخفاجي جلد : 1 صفحه : 218