(فأخذتهم الرجفة) أي الزلزلة الشديدة العظيمة قال الزجاج والفراء، يقال رجف الشيء يرجف رجفاناً، وأصله حركة مع صوت ومنه يوم ترجف الراجفة، وقيل كانت صيحة شديدة خلعت قلوبهم، قاله مجاهد والسدي وقيل: إنه أخذتهم الزلزلة من تحتهم والصيحة من فوقهم حتى هلكوا، وعلى هذا في الآية كفاية وقد وقع التصريح بها في آية أخرى فكان عذابهم بالرجفة والصيحة فذكر في كل موضع واحدة منهما.
(فأصبحوا في دارهم) أي بلدهم وأرضهم (جاثمين) أي لاصقين بالأرض على ركبهم ووجوههم كما يجثم الطائر، وأصل الجثوم للأرنب وشبهها، وقيل الجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للبعير، وجثوم الطير هو وقوعه لاطئاً بالأرض في حال نومه وسكونه بالليل، والمراد أنهم أصبحوا في دورهم ميتين لا حراك بهم.
(فتولى عنهم) صالح عند اليأس من إجابتهم وقيل بعد أن ماتوا وهلكوا (وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) يحتمل أنه قال لهم هذه المقالة بعد موتهم على طريق الحكاية الماضية كما وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكلم لأهل قليب بدر بعد موتهم، أو قالها لهم عند نزول العذاب بهم، وكأنه كان مشاهداً لذلك فتحسر على ما فاتهم من الإيمان والسلامة من العذاب.
وقيل إنما خاطبهم بذلك ليكون عبرة لمن يأتي من بعدهم فينزجر عن مثل تلك الطريقة التي كانوا عليها، ثم أبان عن نفسه أنه لم يأل جهداً في إبلاغهم
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 4 صفحه : 400