(وما قدروا الله حق قدره) قدرت الشيء وقدرته عرفت مقداره وأصله الستر ثم استعمل في معرفة الشيء أي لم يعرفوه حق معرفته حيث أنكروا إرساله للرسل وإنزاله للكتب قاله الأخفش، وقيل المعنى وما قدروا نعم الله حق تقديرها، قال ابن عباس: هم الكفار لم يؤمنوا بقدرة الله، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير قد قدر الله حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره، وقال مجاهد: قالها مشركو العرب، وعنه قال ما عظموا الله حق عظمته، وقال أبو العالية: ما وصفوا الله حق صفته، ويصح جميع ذلك في معناه [1].
(إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) قال ابن عباس: قالت اليهود [1] وروي أن مالك بن الصيف رأس اليهود، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، أتجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين؟ " قال: نعم، قال: " فأنت الحبر السمين ". فغضب، ثم قال: (ما أنزل الله على بشر من شي) فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس؛ وكذلك قال سعيد بن جبير، وعكرمة: نزلت في مالك بن الصيف.
رجح هذا القول ابن كثير، وقال: إنه الأصح، لأن الآية مكية، واليهود ينكرون إنزال الكتب من السماء، وقريش والعرب قاطبة كانوا يبعدون إرسال رسول من البشر كما قال:. (أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس) [يونس: 2]. وقال تعالى:. (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً) [الإسراء: 94، 95].
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 4 صفحه : 190