نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 79
القيد، فإنه إظهار للعجز، وتفويض للأمر إلى الله، وذلك من خصال الخير (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) هذا من دعاء إبراهيم وأصحابه، ومما فيه أسوة حسنة يقتدي به فيها، وقيل: هو تعليم للمؤمنين أن يقولوا هذا القول والتوكل هو تفويض الأمور إلى الله والإنابة الرجوع، والمصير المرجع. وتقديم الجار والمجرور لقصر التوكل والإنابة والمصير على الله.
(ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) الظاهر أنه دعاء متعدد لا ارتباط لِكُلٍّ بسابقة كالجمل المعدودة، وليس هو وما بعده بدلاً مما قبله كما قيل، لعدم اتحاد المعنيين لا كُلاًّ ولا جزءاً، ولا ملابسة بينهما سوى الدعاء قال الزجاج: لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتنوا بذلك، وقال مجاهد: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم ذلك، وبه قال ابن عباس: وقال أيضاًً: لا تسلطهم علينا فيفتنونا (واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز) أي الغالب الذي لا يغالب (الحكيم) ذو الحكمة البالغة في ملكه وصنعه.
(لقد كان لكم فيهم) أي في إبراهيم والذين معه في التبري من الكفار (أسوة) أي قدوة (حسنة) كرر هذا للمبالغة في التحريض على الحكم والتأكيد على الائتساء بإبراهيم وقومه، ولهذا جاء به مصدّراً بالقسم لأنه الغاية في التأكيد. وقيل: إن هذا نزل بعد الأولى بمدة، قال ابن عباس: أي في صنيع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه وهو مشرك.
(لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) أي إن هذه الأسوة إنما تكون لمن يخاف الله ويخاف عقاب الآخرة، أو يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة بدل اشتمال من كم بإعادة الجار، قال المحلي: تبعاً للكواشي وقال أبو حيان وغيره: بدل بعض من كل (ومن يتول) أي يعرض عن التأسي بإبراهيم
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 79