نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 59
ناصرهم وهم المنافقون، وقيل: يعني لا يصير المنافقون منصورين بعد ذلك، بل يذلهم الله ولا ينفعهم نفاقهم، وقيل: معنى الآية لا ينصرونهم طائعين، ولئن نصروهم مكرهين ليولن الأدبار، وقيل: معنى لا ينصرونهم لا يدومون على نصرهم، والأولى أولى، ويكون من باب قوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه).
(لأنتم أشد رهبة في صدورهم) أي لأنتم يا معاشر المسلمين أشد خوفاً وخشية في صدور المنافقين أو صدور اليهود، أو صدور الجميع (من الله) أي من رهبة الله، والرهبة هنا بمعنى المرهوبية، لأنها مصدر من المبني للمفعول وفيه دلالة على نفاقهم، يعني أنهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله، وأنتم أهيب في صدورهم منه (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) أي ما ذكر من الرهبة الموصوفة بسبب عدم فقههم بشيء من الأشياء، ولو كان لهم فقه لعلموا أن الله سبحانه هو الذي سلطكم عليهم، فهو أحق بالرهبة منه دونكم، ثم أخبر سبحانه بمزيد فشلهم وضعف نكايتهم فقال:
(لا يقاتلونكم جميعاً) يعني لا يبرز اليهود والمنافقون مجتمعين لقتالكم، ولا يقدرون على ذلك (إلا في قرى محصنة) بالدروب والدور والخنادق (أو من وراء جدر) أي من خلف الحيطان التي يستترون بها لجبنهم ورهبتهم قرأ الجمهور جدر بالجمع، وقرىء جدار بالإفراد، واختار الأولى أبو عبيد وأبو حاتم، لأنها موافقة لقوله: (قرى محصنة)، وهما سبعيتان وقرىء جدر بفتح الجيم وإسكان الدال، وهي لغة في الجدار.
(بأسهم بينهم شديد) أي بعضهم فظ غليظ على بعض، وقلوبهم مختلفة، ونياتهم متباينة، قال السدي: المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد، وقال مجاهد: (بأسهم بينهم شديد) بالكلام والوعيد، لنفعلن كذا، والمعنى أنهم إذا انفردوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس، وإذا لاقوا عدواً ذلوا وخضعوا وانهزموا، وقيل: المعنى أن بأسهم بالنسبة إلى أقرانهم شديد، وإنما ضعفهم بالنسبة إليكم لما قذف الله في قلوبهم من
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 59