نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 336
(وقد خلقكم أطواراً) أي والحال أنه سبحانه قد خلقكم على أطوار مختلفة وأحوال منافية لما أنتم عليه بالكلية، فخلقكم تارة عناصر ثم أغذية ثم اخلاطاً ثم نطفاً ثم مضغاً ثم علقاً ثم عظاماً ولحوماً ثم أنشأكم خلقاً آخر، والطور في اللغة المرة، وقال ابن الأنباري: الطور الحال والهيئة وجمعه أطوار، وقيل أطواراً صبياناً ثم شباناً ثم شيوخاً، وقيل الأطوار اختلافهم في الأفعال والأقوال والأخلاق، والمعنى كيف تقصرون في توقير من خلقكم على هذه الأطوار البديعة تارات وكرات، فهذا مما لا يكاد يصدر عن العاقل.
الموجبين لرجاء ثواب الله، فهو من الكناية التلويحية لأن من أراد رجاء تعظيم الله، وتوقيره إياه آمن به وعبده وعمل صالحاً ومن عمل الصالحات رجا ثواب الله وتعظيمه إياه في دار الثواب، فإن الحث على تحصيل الرجاء مسبوق بالحث على تحصيل الإيمان. فهو من باب مقدمة الواجب.
قال الكرخي: أي أنكم إذا وقرتم نوحاً وتركتم استخفافه كان ذلك لأجل الله، فما لكم لا ترجون لله وقاراً، وقال سعيد بن جبير وأبو العالية وعطاء بن أبي رباح: ما لكم لا ترجون لله ثواباً ولا تخافون منه عقاباً، وقال مجاهد والضحاك: ما لكم لا تبالون لله عظمة، قال قطرب: هذه لغة حجازية وهذيل وخزاعة ومضر يقولون لم أرج لم أبل، وقال قتادة ما لكم لا ترجون لله عاقبة الإيمان، وقال ابن كيسان ما لكم لا ترجون في عبادة الله وطاعته أن يثيبكم على توقيركم خيراً، وقال ابن زيد: ما لكم لا تؤدون لله طاعة، وقال الحسن: ما لكم لا تعرفون لله حقاً ولا تشكرون له نعمة، وقال ابن عباس: لا تعلمون لله عظمة، وعنه قال: لا تخافون لله عظمة ولا تخشون له عقاباً، ولا ترجون له ثواباً، وعن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم: " رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ما لكم لا ترجون لله وقاراً " أخرجه عبد الرزاق في المصنف.
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 14 صفحه : 336