(والذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، فإن قلت لو دل الإيمان على العمل لكان ذكر العمل الصالح بعد الإيمان تكراراً، قلت آمنوا يفيد الماضي وعملوا يفيد المستقبل، فكأنه قال آمنوا ثم داموا عليه آخراً، ويدخل فيه جميع الأعمال الصالحة (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) لا يخرجون منها ولا يموتون، وأتى بالفاء في الشق الأول دون الثاني إيذاناً بتسبب الخلود في النار على الشرك وعدم تسبب الخلود في الجنة عن الإيمان، بل هو بمحض فضل الله تعالى.
(وإذْ أخذنا) الخطاب مع بني إسرائيل وهم اليهود المعاصرون للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما وقع من أسلافهم توبيخاً لهم بسوء صنيع أسلافهم أي اذكروا إذ أخذنا ميثاقهم، وقيل الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، والأول أولى لأن المقام مقام تذكيرهم، وهذا شروع في تعداد بعض آخر من قبائح أسلاف اليهود بما ينادي بعدم إيمان أخلافهم ليؤديهم التأمل في أحوالهم إلى قطع الطمع في إيمانهم (ميثاق بني إسرائيل) الذين كانوا في زمن موسى، وقد تقدم تفسير الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل، وقال مكي إن الميثاق الذي أخذه الله عليهم هنا هو ما أخذه عليهم في حياتهم على ألسن أنبيائهم وهو قوله (لا تعبدون إلا الله) خبر بمعنى النهي وهو أبلغ من صريح النهي لما فيه من الاعتناء بشأن المنهى عنه، وتأكد طلب امتثاله حتى كأنه امتثل وأخبر عنه، وعبادة الله إثبات توحيده
نام کتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 212