في هذه الدنيا على البقاء ناسبها لفط البناء، ولما كانت مظهر العظمة والجلال ناسبها لفط القوة. ولما كانت الأرض طرأ عليها التبديل والتغيير بما ينقص البحر من أطرافها ربما قد يتحول من سهولها وجبالها وبما يتعاقب عليها من حرث وغراسة وخصب وجدب ناسبها لفط الفراش الذي يبسط ويطوى ويبدل ويغير، ولما كانت أسباب الانتفاع بها الميسرة ضرورية للحياة عليها وكلها مهيأة وكثير منها مشاهد وغيره معد يتوصل إليه بالبحث والاستنباط- ناسب ذكر التمهيد-. ولما كانت الأزواج مكونا بعضها من بعض ناسبها لفظ الخلق ولما كان النظر في الزوجية هو نظر في أسباب التكوين لتلك المذكورات السابقة وهو محصل للعلم الذي يحصل من النظر فيها قرن بلفط التذكر.
الآية الرابعة: الألفاظ والتراكيب:
الفاء: للترتيب لأن ما قبلها على ما فيه من عظمة وكمال وجمال فهي مخلوقة موسومة بسمة العجز والنقصان، فلا يصلح شيء منها للتعويل عليه، فلم يبق إلاَّ الخالق القادر ذو الجلال والاكرام، فهو الذي يفر اليه دون جميع المخلوقات. فروا: اهربوا. النذير: المعلم بما فيه هلاك لتجتنب الأسباب المؤدية اليه. المبين: الذى يوضح ما نذر منه والأسباب المؤدية اليه والوسائل المنجية منه. مع اقامة الحجة على صدقه ونصحه. وقدم لكم ليفيد اهتمامه بهم وذلك ليجلبهم اليه فيستمعوا لنصحه وبعده منه ليبين مصدر رسالته وذلك ليبين لهم أنه مأمور فلا يستكبروا عن قبول دعوته. وأكد الجملة لأنهم في مقام التردد أو الإنكار.
المعنى:
هذه المخلوقات كلها عاجزة في نفسها مفتقرة- ابتداء ودواما-