{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ} الآيات، وهم الذين جاء فيهم قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ... } الآية [1]. اذ لا فائدة من انذارهم، وكان قوم آخرون آمنوا وهؤلاء هم المرادون بقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} الآية. فلا منافاة بين قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا} الذي يقتضي التعميم وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} الذي يقتضي التخصيص، لأن الأول في مقام الإنذار العام، والثاني في مقام تجديد الإنذار والانتفاع به. واما الاعراض فلا يكون الا عن المأيوس منه من الكافرين.
إرشاد:
طريق السلوك الشرعي انما هي اتباع القرآن وأكمل أحوال العبد أن يخشى الله ويرجو رحمته، وأهل الاتباع والخشية لا يستغنون عن تجديد الإنذار وذلك بدوام التذكير المشروع في الإسلام. وتذكير المؤمنين بانذارهم وتبشيرهم فلا يؤمنون من عذاب الله ولا يقنطون من رحمته.
صفة المؤمن من هذه الآيات:
المؤمن الكامل هو من سلمت فطرته، وصح إدراكه، واتبع القرآن في عقده وخلقه وعمله، واستوت خلوته وجلوته وسره وعلنه، وعبد الله راجيا رحمته خائفا عذابه، يخوفه الإنذار، وترجيه البشرى بالمغفرة والاجر الكريم.
ثبتنا الله والمسلمين على الايمان مع هذه الصفات إلى الممات آمين يا رب العالمين [2]. [1] 53/ 29 النجم. [2] ش: ج5، م10، ص 186 - 196 غرة محرم 1353هـ - افريل 1934م.