خدمة أمته يثاب ثواب خادم الجميع أسرته بالفعل وأمته بالقصد أو أسرته مباشرته وأمته بواسطة وكل هذا مما يثاب المرء شرعا عليه.
إستطراد واستنباط:
لما كان العرب لم يأتهم نذير قبل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، بنص [1] هذه الآية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [2] و {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [3] وغيرهما، وكلها آيات قواطع في نجاة أهل الفترة، ولا يستثنى من ذلك إلاَّ من جاء فيهم نص ثابت خاص كعمر بن لحي أول من سيب السوائب وبدَّل في شريعة إبراهيم وغيَّر وحلل للعرب وحرَّم فأبوا النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ناجيان بعموم هذه الأدلة، ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس- رضي الله عنهما-: "أن رجلا قال للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: في النار. فلما قفا الرجل دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار" لأنه خبر آحاد فلا يعارض القواطع وهو قابل للتأويل، يحمل الأب على العم مجازاً يحسنه المشاكلة اللفظية ومناسبته لجبر خاطر الرجل وذلك من رحمته- صلى الله عليه وآله وسلم- وكريم أخلاقه.
سبب الغفلة ودواؤها:
أفادت الفاء في قوله تعالى: {فَهُمْ غَافِلُونَ} أنَّ غفلتهم [1] في الأصل بص. [2] 17/ 15 الإسراء. [3] 5/ 21 المائدة.