ويعلمها سوء عاقبة ما هي عليه من الشرك والضلال، تلك الأمة التي ما أنذر آباؤها فهي مشتغلة بما توارثته من آبائها، من عبادة الأوثان، وارتكاب الاثم والعدوان، وأنواع الضلال، والخسران، معرضة عن توحيد خالق الأرض والسموات، وعن النظر فيما نصب للدلالة عليه من الآيات، طال عليها أمد الجهالة، واستولت عليها أسباب الضلالة، فتمكنت منها الغفلة، التمكن التام، فتركت في أوديتها البعيدة المدى، كالأنعام أو أضل من الأنعام.
أصل المعرفة والسلوك من هذه الآيات الكريمة: تمهيد:
خلق الله الخلق حنفاء موحِّدين، فأتتهم الشياطين فأضلتهم عن سواء السبيل، فمن رحمته تعالى بهم، أن أرسل اليهم، رجالا منهم، لهدايتهم، وأنزل عليهم كتبا منه، لدلالتهم. فالله هو المرسل وتلك الكتب هي رسائله، وأولئك الرجال هم رسله، والخلق هم المرسل اليهم.
المعرفة:
فللمرسل العلوُّ والكمال، وله الخلق، والأمر، ومنه الرحمة، والعدل، والاحسان، والفضل، وله الربوبية، والالوهية، دون شريك ولا مثال.
وفي تلك الوسائل الحق، والحكمة، والنور المخرج، من كل ظلمة والفرقان في كل شبهة، والفصل في كل خصومة، بها تفتح البصائر، وتطةَر الضمائر، وتعرف طريق الحق، والهدى من طرائق الباطل والضلال.
ولأولئك الرسل-عليهم الصلاة والسلام- أكمل ما يمكن للإنسان من كمال، وأكمل المعرفة بالمرسل- تعالى-، وأعظم الخشية له، وأكمل الرحمة بالخلق، وأشد الشفقة عليهم، وأكمل العلم بما جاءوا