اختلاف المتؤلين:
منهم طائفة تكلمت على كل لفظ من ألفاط الفواتح وذكرت له معنى، واختلفوا في تلك المعاني التي ذكروها، وهي كما ذكر الامام ابن العربي: "لا سبيل إلى تمييز واحد منها بدليل لأنه معدوم، ولا بأثر لأنه غير منقول" ولا تطمئن إلى شيء منها القلوب التي عاشت على اليقين، ولا تسلم واحداً منها العقول التي اعتادت قفو العلم على نور الدليل.
ومنهم طائفة أخذتها كلها بوجه واحد، فقال بعضٌ: إنها حروف تنبيه تقرع الأسماع فتلفت السامعين إلى الاستماع والتدبر، لما اشتملت عليه السورة من الأحكام والعقائد والآداب وغيرها من مقاصد القرآن، فهي نظير الا والهاء في مألوف الاستعمال. وقال بعضهم: انها حروف تعجيز وافحام وتقريع، لأن القرآن الذي عجزوا عن معارضته من هذه الحروف وأخواتها تركبت كلماته، فكأنما يقال لهم: ما هذا الذي عجزتم عنه إلاَّ كلام جنس كلامكم، وما ركبت لكلماته الا مما ركبت منه كلماتكم، وهذا لعجزهم، ولتقريعهم أوجع. ومما يؤيد هذا أن أكثر هذه الفواتح ذكر بعده الكتاب المعجز وصفاته، مثل قوله تعالى:
{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ} [1] {الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ... الآية} [2]. {المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [3]. {الر * تِلْكَ آيَاتُ [1] 1/ 1 - 2 البقرة. [2] 3/ 1 - 3 آل عمران. [3] 7/ 1 - 2 الأعراف.