التابعين. بسلطان مبين: بحجة قاطعة توضح عذره في غيبته. سميت الحجة سلطاناً لما لها من السلطة على العقل في إخضاعه، أفادت أو إن المخلوف على حصوله هو أحد الثلاثة، فإذا حصلت الحجة فلا تعذيب ولا ذبح، ولو لم تحصل لفعل أحدهما، وقدم التعذيب لأنه أشد من القتل، وحالة الغضب تقتضي تقديم الأشد.
المعنى:
يقسم سليمان على معاقبة الهدهد- وقد تحقق غيبته- بالتعذيب أو بالذبح إذا لم يأته بالحجة التي تبين عذره في تلك الغيبة ولا يستثنى للعفو ولا يجعل سببا لسلامته من العقوبة إلاّ الحجة.
توجيه واستنباط:
ليس في الآية ما يفهم خصوص نتف الريش من لفط العذاب الشديد، وإنما فهم ابن عباس- رضي الله عنه- وأئمةٌ من التابعين ذالك بالنظر العقلي والاعتبار، فإنَّ نتف ريشه يعطل خاصية الطيران فيه فيتحول من حياة الطير إلى حياة دواب الأرض، وذلك نوع من المسخ، وقد علم ان المسخ في القرآن أشنع عقوبة في الدنيا، فلهذا فسروا العذاب الشديد بنتف الريش.
والإنسان خاصيته التفكير في أفق العلم الواسع الرحيب، فمن حرم انسا- فردا أو جماعة- من العلم فقد حرمه من خصوصية الإنسانية وحوله إلى عيشة العجماوات وذلك نوع من المسخ فهو عذاب شديد وأي عذاب شديد؟
صرامة الجندية:
كان هذا الهدهد من جنود سليمان التي حشرت له وقد كان في مكانه الذي عين له وأقيم فيه، فلما فارق وترك الفرجة في صفه وأوقع الخلل في جنسه استحق العقاب الصارم الذي لا هوادة فيه. وهذا