ومن لم يطعه فليس بذاكر وأن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن". نقله ابن غيلان في شرحه على حلية الأبرار للنووي ([1]: 15).
تعليق:
قد جمعنا بين الحديث المرفوع والأثر الموقوف على سعيد بن جبير من كبار علماء التابعين لاتحادهما في المعنى وورودهما على غرض واحد، وقدمنا الحديث لأنه الأصل، وأخرنا الأثر لأنه الفرع الشاهد المقوي لسند ذلك الحديث ..
وقوله في الحديث: وإن قلت صلاته ... الخ. يريد صلاة التطوع وصيام التطوع، أما من قلت صلاته الواجبة أو صيامه الفرض فإنَّه عاص لا يوصف بالطاعة.
وبهذا الحديث وذلك الأثر تعلم المراد من الآيات الآمرة بالذكر. كقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وقوله: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}. فليس المراد من الذكر في أمثال هاتين الآيتين خصوصا الذكر اللساني. بل المراد الطاعة بجميع أنواعها من صلاة وصيام وصدقة وتلاوة قرآن وتسبيح وتحميد وتهليل وغير ذلك. فإن المطيع إنما أطاع الله لكونه ذكره بقلبه أو بلسانه.
وغرضنا من تقديم هذين الحديث والأثر إلى القراء أن يعلموا أولا: أن معنى الذكر أوسع مما يتخيلون، وأن بعض من يمدونهم من العباد في غير الذاكرين هم في عرف الشرع من الذاكرين.
وأن يعلموا ثانيا: أن ما عليه كثير من العوام من الاعتماد على السبح [1] دون الطاعة هو غرور في غرور وأن كثيرا ممن يعد نفسه ويعده الناس من الذاكرين هو في عرف الشرع من الغافلين. [1] كذا في الأصل ولعله: التسبيح.