فلهم مقامهم في الرفيق الأعلى ولهم منازلهم في الجنة ولهم ذكرهم الطيب عند الله وعند العباد، وهذه المنازل والمقامات لا يدخلها العبد إلا برحمة من الله بتيسير لأسبابها وتفضل عظيم.
المعنى:
لما سمع سليمان- عليه الصلاة والسلام- كلام النملة تبسم تبسم السرور والتعجب من قولها وطلب من ربه تعالى أن يلهمه شكر ما أنعم به عليه وعلى والديه وأن يلهمه عملا صالحا ينال به رضاه وطلب منه تعالى أن يجعله في الصالحين بأن يثبت اسمه بينهم ويقرن ذكره بذكرهم ويلحقه بهم ويسكنه الجنة معهم بما يغمره به من رحمته وفضله وإحسانه.
توجيه:
صدور ذلك الإنذار البليغ من مثل تلك النملة في ضعفها وصغرها طريف مستظرف ككل شيء يصدر من حيث لا ينتظر صدوره، فهذا مبعث تعجب سليمان- عليه السلام- وشهادة النملة له ولجنوده بأنهم لو وطئوا النمل لوطئوه من غير شعور. فهم لرحمتهم وشفقتهم وارتباطهم بزمام التقوى وأخذهم بالعدل لا يتعمدون التعدي على أضعف المخلوقات العجماء، هذه الشهادة أدخلت السرور على سليمان -عليه السلام- لما دلت عليه من ثبوت هذا الوصف العظيم له ولجنده وظهوره منهم واشتهارهم به. كما بعث سروره شعوره بما آتاه الله من الملك العظيم والعلم الذي لم يؤته غيره حتى فهم به ما همست به النملة وهي من الحِكم الذي ليس له صوت يستبان في حال من الأحوال.
أدب من سرته النعمة:
نعم الله على العبد تدخل عليه السرور بجبلة الفطرة، والفرح بنعمة الله من الاعتراف بفضله والاكبار لنواله. ومن أدب العبد حينئذ أن