وأما مفهوم الحصر في قوله لي خمسة أسماء أي ليست لغري فهو مفهوم معتبر وهو حصر صحيح ثابت من جهة المعنى ومن جهة اللفط.
فأما الأول: فإننا نجد معانيها ليست إلا له- صلى الله عليه وآله وسلم- مختصا بها بين أخوانه من الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام- وهم المشاركون له في الكمالات ولكن الله يفضل منهم من يشاء بما يشاء لا لنقص في الفضل عليه ولكن لخصائص زائدة في المفضل، وأما الثاني: فكذلك أيضا على ما سنبين.
«أَنَا مُحَمَّدٌ»: مشتق من الحمد، والحمد هو الثناء بذكر الكمالات والصفات الفاضلة المشتملة على ما هو من صفات الذات، أو من صفات الأفعال وعلى ما هو من باب الكمالات أو من باب الإنعام. وإنما يعبر من الثناء ما كان حقا وصدقا بمطابقته للواقع وبمطابقته لما في القلب. ومحمد: اسم مفعول من حمد المضاعف العين، وهو يقتضي التكثير، فالحمد هو ذو الخصال الكثيرة الحميدة التي تقتضي حمده مرة بعد أخرى. فالمحمود هو من وقع عليه الحمد ولو مرة وأما المحمد فالذي يكثر حمده. وهو في الأصل صفة وقد نقل من الوصفية إلى العلمية وجعل دالا على الذات المسماة بهذا الاسم.
والمسمي له بهذا الاسم هو جده عبد المطلب بإلهام من الله، - والإلهام من الله هو ما يوفق الله إليه العبد ويهديه إليه دون علم سابق ولا دليل ظاهر، وإنما هي هداية ربانية تكون بإرشاد القلب إلى الشيء الملهم إليه- فهذا الاسم النبوي علم منقول من الصفة وهو وإن كان موضرعا للذات، فإن الواضع يلاحظ عند الوضع معنى تلك الصفة التي نقل منها. ويدل لهذا ما جاء أن عبد المطلب لما سئل عن تسمية ابنه بهذا الاسم- ولم يكن من أسماء آبائه وأجداده، ومن عاداتهم أن يحيوا ذكر آبائهم وأجدادهم بتسمية أبنائهم بأسمائهم- أجاب