الحديث ومن أدلة الثاني حديث أبي عباس المذكور. وكثير من الناس يسألون ممن يعظمون نفس العطاء وخصوصا من الأموات- رحمهم الله- في قبورهم فأرشدهم بمثل ما سمعت وحذار أن تكون منهم.
بيان عقيدة وإبطال ادِّعاء:
لما سأل هذا الصحابي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وعده بالدعاء وأرشده إلى العمل الصالح وهو كثرة السجود، ولم يقل له النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إنني ضامن لك ذلك ولا أنت مضمون ولا أنت في ضماني، لأن العبد لا يجوز له أن يضمن على خالقه بدون إذنه شيئا، وإذا كانت الشفاعة التي هي طلب منه لا تكون عنده إلا بإذنه فكيف الضمان الذي هو التزام على القطع، فمن الغرور العظيم والجهل الكبير والجراءة الكبرى على الله تعالى قول بعض المدَّعين "روح راك مضمون" وقول آخرين (من دخل دار كذا فهو مضمون) و (أنا ضامني الشيخ) و (يا دار الضمان) ونحو ذلك، مما يقوله الجاهلون وينكره العالمرن ويبرأ منه الصالحون.
حقيقة نفسية:
العبد بين داعيين مختلفين دينه يدعوه إلى الحسنى وينهض به للعلاء ونفسه تدعوه إلى السوأى وتنحط به إلى الحضيض. ولا ينحط المسلم عن مقامات الكمال إلا بإجابته داعي نفسه واعراضه عن داعي دينه. فالنفس هي الجاذب القوي إلى دركات الانحطاط. ولما كان دعاء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- لهذا الصحابي سببا في رفع درجاته، وكانت نفسه إذا خلاها على هواها ما نفعه له من ذلك الرفع فصار الدعاء النبوي والنفس الأمارة كالمتنازعين فيه- أمره بأن يعينه على نفسه بكثرة السجود ولم يقل له أعني على مطلوبك أو