آخر عند ما يقصد المتكلم ربط كلامه بكلام المتكلم قبله لنحو تلقينه، فيكون مجموع الكلام هكذا: أسألك مرافقتك في الجنة أو غير ذلك، والكلام وإن كان خبرا فهو في قوة الطلب ولذلك كانت أو للتخبير هذا كله على وجه أو التي للتخبير وإما إذا كانت للإضراب فتقدير الكلام بل اسأل غير ذلك. وأما إذا كانت الهمزة للاستفهام فإن الواو عطفت على جملة، وتقدير الكلام: أتترك ما سألت وتسأل غير ذلك. والإستفهام هنا المراد به الطلب، يطلب منه أن يترك سؤال المرافقة ويسأل غيره، هو ذاك: تفيد الحصر، أي مسؤولي هو المرافقة لا غيرها.
المعنى:
كان هذا الصحابي- رضي الله تعالى عنه- يخدم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ويبيت عند باب بيته ليأتيه بما يحتاج إليه من ماء يتوضأ به أو غيره، فأراد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يجازيه على خدمته فأمره أن يسأله ليعطيه، فأعرض هذا الصحابي عن جميع مطالب الدنيا وسأله أعز مطلب في الآخرة وهو مرافقته له في الجنة، ولما كانت هذه المرافقة تقتضي درجة رفيعة في الجنة أخص من مطلق دخول الجنة، وهذه الدرجة تقتضي العمل الشاق، حاول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صرفه عن هذا السؤال الذي فيه العمل الشاق الذي ربما لا يطيقه إلى غيره مما هو أسهل من المطالب، فصمم الصحابي على سؤاله وأبى أن يسأل غيره، فقبل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- سؤاله على أن يعينه على نفسه لتحصيل المطلوب، وأرشده إلى ما هو وسيلة في رفع الدرجات، وهو كثرة السجود فإن العبد لا يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة كما ثبت في الصحيح.