فأدى ذلك إلى تغيير شرع الله وهو سبب الهلاك. لا يقال أن مقدار العبادة معلوم من الدين بالضرورة فكيف يظن أنه قد يعتقد الجميع من الأصل والزيادة عبادة واحدة، لأننا نقول إذا دام وصل النافلة بالفريضة وطال العهد وخلفت الخلوف أدى ذلك أهل الجهالة إلى ذلك الاعتقاد، والاحتياط للعبادة يقتضي قطع ذلك الاعتقاد من أصله بالنهي عما يؤدي إليه وهو من سد الذرائع الذي هو أحد أصول مالك في مذهبه. ومع هذا فقد نقل الإمام القرافي، عن الإمام عبد العظيم المنذري أن الذي خشي منه مالك رحمه الله تعالى قد وقع بالعجم فصاروا يتركون المسحرين على عادتهم والقوانين [1] وشعائر رمضان إلى آخر الستة الأيام فحينئذ يظهرون شعائر العيد ا. هـ.
فلله مالك ما أوسع علمه، وما أدق نظره، وما أكثر اتباعه فرحمة الله تعالى عليه وعلى أئمة الهدى أجمعين.
الأصل الثاني: أن ما ورد من العبادة مقيداً بقيد يلتزم قيده، وما ورد منها مطلقا يلتزم إطلاقه، فالآتي بالعبادة المقيدة دون قيدها مخالف لأمر الشرع ووضعه. والآتي بالعبادة المطلقة ملتزما فيه ما جعله بالتزامه كالقيد مخالف كذلك لأمر الشرع ووضعه، وهو أصل في جميع العبادات. ومثال ما ورد من العبادة مقيدا، التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة والختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. فقيدت هذه العبادة المحددة بإيقاعها دبر كل صلاة، فالإتيان بها في غير دبر الصلوات مخالفة للوضع الشرعي ومثال ما ورد مطلقا [2] لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة (3) وسبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة فيلتزمها في وقت [1] كذا بالأصل ولعله القوالين. [2] و (3) رواهما مالك في الوطأ.