الألفاظ:
تشركون: أي تقرنون بين مشيئة الخالق ومشيئة المخلوق بعبارة تفهم التسوية، وهي العبارة المذكورة في الجملة التالية المبينة، وهي قوله: «تقولون ما شاء الله وشاء محمد» وهذه العبارة قد تكون في نحو قولهم: افعل ذلك ما شاء الله وشاء محمد، أو لا أفعله ما شاء الله وشاء محمد. وفي الاستثناء في اليمين نحو: إلا ما شاء الله وشاء محمد. وفي باب اليمين أورد الحديث ابن ماجة. إن كنت لأعرفها لكم، ان: نافية. واللام: في (لاعرفها) لام الجحود، والفعل بعدها منصوب، فنفى معرفته بهذه العبارة منهم على وجه يفيد أنها شيء ما كان ليخطر في باله لمنافاته لإيمانهم وتوحيدهم وعدم مناسبتها لحالهم، ثم: تفيد انحطاط مشيئة المخلوق عن مشيئة الخالق وتأخرها وتلك هي رتبتها، وقد شاء الله ما شاء وحده، ثم كانت مشيئة المخلوق. فلفظة وحده أصرح في استقلال مشيئة الله.
المعنى:
كان بعض من الصحابة يقولون هذه العبارة دون أن يعلم بهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فأراد الله أن يطلع عليها نبيه لينهاهم عنها، وكان من حكمتها أن اطلعهُ عليها بهذا الوجه، أرى بعض الصحابة رؤيا فيها تعبير لهم بالشرك الذي هو أبغض الأشياء إليهم من بعض أهل الكتاب، وهم الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، والمسيح ابن مريم ليكون ذلك أشد في الزجر وأعظم في التوبيخ، فذكرت الرؤيا للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وكانوا يقصُّون عليه رؤاهم فنفى علمه بصدور تلك العبارة منهم، وأظهر إنكاره وتعجبه من صدور تلك العبارة الشركية التي ما كان ليظن صدورها منهم، وفي هذا ما فيه من اللوم والتعنيف فقام