أنها هي تقربهم إلى الله. وفي الناس اليوم طوائف كثيرة تتوجه لبعض الأموات وتتضرع لهم وتقف أمام قبورهم بخضوع وخشوع تامين وتتضرع وتناديهم على اعتقاد أنهم يقربونها إلى الله ويتوسطون لها إليه. ويزيدون أنهم يتصرفون لها بقضاء الحوائج وجلب الرغائب ودفع المصائب. ومن أعمال المشركين في الجاهلية أنهم يسوقون الأنعام لطواغيتهم فينحرونها عندها طالبين رضاها ومعونتها. وفي الناس اليوم طوائف كثيرة تسوق الأنعام إلى الأضرحة والمقامات تنحرها عندها إرضاءً لها وطلبا لمعونتها أو جزاء على تصرفها وما جلبت من نفع أو دفعت من ضر.
ومن أقوال المشركين في الجاهلية حلفهم بطواغيتهم تعظيما لها، وفي الناس اليوم طوائف كثيرة يحلفون بالله فيكذبون ويحلفون بمن يعظمونه من الأحياء أو الأموات فلا يكذبون. فهذه الطوائف الكثيرة كما قد لحقت بالمشركين وصدق رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في قوله: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين».
عبادة الأوثان:
كانت عبادة الأوثان في الجاهلية بالخضوع والتذلل لها ورجاء النفع وخوف الضر منها، فينذرون لها النذور وينحرون لها النحائر يلطخونها بالدماء ويتمسحون لها. وفي الناس اليوم طوائف كثيرة لها أشجار ولها أحجار تسميها بأسماء وتذكرها بالتعظيم وتذبح عندها الذبائح وتوقد عليها الشموع وتحرق عندها البخور وتتمسح بها وتتمرغ عليها. مثل فعل الجاهلية أو تزيد. فصدق عليهم رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: (وحتى يعبدوا الأوثان) هذا كله واقع في الأمة لا شك فيه. وكما كان من نصح نبيها- صلى الله عليه وآله وسلم- أن أنذرها بوقوعه فيها قبل وقوعه- فإن من نصح علمائها لها أن يعرفوها به اليوم بعد وقوعه ويصوروه لها على صورته