نفي تعارض:
ثبت عن عائشة أنها قالت: لو أن رسول الله- صلى الله عليه وآله ولسلم- رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل، وهذا لا يعارض ما تقدم، لأن الذي أحدثته هو الطيب والزينة وهو نهي عن منعهن ونهاهن عن مس الطيب عند إرادة الخروج فلو رأى ما أحدثن لمنعهن لإخلالهن بالشرط حتى يلتزمنه ولا يمنعهن منعا يكون إبطالا لنهيه الأول عن منعهن.
قدوة:
لما سمع عبد الله بن عمر ابنه بلالا يصارحه بمعارضة السنة ومخالفتها لم يملك نفسه واستشاط غضبا حتى سبه سبا سيئا لم يكن من عادة ابن عمر صدور مثله منه. وهكذا كل مسلم غيور على الإسلام والكتاب والسنة يسمع من أهل الإسلام التكذيب بهما أو التعدي عليهما أو المعارضة لهما بالرأي والهوى أو تحريفهما عن مواضعهما كذلك فإنه لا يملك نفسه أن يدافع عنهما وقد يملكه الغضب لله فيكون منه بعض ما ليس من عادته أن يصدر منه من قول.
تحذير وإرشاد:
هذا الذي وقع من بلال كثيرا ما يقع مثله أو نحوه من أهل الجهل والبدعة الذين شبوا عليهما وشاخوا حتى صارت البدعة عندهم سنة والسنة بدعة فإذا ذكرت لهم الحكم الشرعي بدليله من الكتاب والسنة صدوا ونفروا وأبوا واستكبروا وصارحوا بالمخالفة أو سكتوا وأضمروا الخلاف. وما هذا شأن المؤمنين فحذار إذا سمعت حكما شرعيا ونصا قرآنيا أو حديثا صحيحا نبويا أن تقابل بالخلاف بل انشرح بذلك صدر ولا يكن في صدرك من حرج مما قضى الله ورسوله وسلم تسليما [1]. [1] ش: ج5، م 8، ص 250 - 252
غرة محرم 1351هـ - ماي 1932م.