ولكل امرىء خبر ما نوى، أي نواه. قدم عليه ليحصر فيه بإنما فأفاد التركيب ان حظ كل عامل من عمله هو ما قصده أي عين ما قصده في كميته ومقداره دون ما لم يقصد فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله أي قصدا فهجرته إلى الله ورسوله أي وقوعا واعتبارا ففعل الشرط وجوابه لم يردا على معنى واحد. ومثل هذا يقال في الشرط الثاني وجوابه وذكر تزوج امرأة بعد دنيا يصيبها تخصيص بعد تعميم لأن ذلك الخاص هو سبب الحديث، واللام في الدنيا لام الأجل والعلة فتفيد أن طلب الدنيا أو طلب التزوج هو العلة الباعثة له دون قصد طاعة الله فلا يدخل فيه ما إذا كان الباعث هو الطاعة. وطلب هذه الأشياء، جاء على سبيل التبع.
سبب الورود:
قال القسطلاني: قد اشتهر أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس، المروية في المعجم الكبير للطبراني بإسناد رجال ثقات من رواية الأعمش. ولفظه: " عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها. قال: فكنا نسميه مهاجر أم قيس".
المعنى:
إن أعمال الناس قد تشترك في صورها ومظاهرها، حتى لا يكون في ذلك فرق بينها ولكنها بذلك التساوي الصوري الظاهري لا تكون متساوية في الاعتبار والحقيقة وما يتبعها من القبول والرد في نظر الشرع فقد هاجر مهاجر أم قيس كما هاجر سائر المهاجرين. الجميع قد كان منهم مفارقة الديار وترك دار الكفر إلى دار الإسلام واللحوق بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فالعمل عمل واحد قطعا، ولكن القصد مختلف فقد كان قصدهم بهجرتهم طاعة الله ورسوله، وكان