الإنسان يحافظ عليه، ولا يبذل شيئا منه إلا بحقه، فهؤلاء الذين نقصوا حظهم في حياتهم هم أعظم المغبونين.
فقه الحديث ومقصوده:
عمر الإنسان أنفس كنز يملكه، ولحظاته محسوبة عليه وكل لحظة ثمرة معمورة بعمل مفيد، فقد أخذ حظه منها وربحها، وكل لحظة تمر فارغة، فقد غبن حظه منها وخسرها. وكذلك بدنه فهو أنفس آلة عنده، وإنما فائدة الآلة بالعمل، فإذا كانت الآلة، في عمل فهو ربح وزيادة، وإذا كانت في بطالة فهو في نقص وخسران، فالرشيد الرشيد، هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين، وتلك الآلة العظيمة، فعمر وقته بالأعمال، وداوم على استعمال ذاته فيها فربحهما، والسفيه السفيه من أساء التصرف فيهما فأخلى وقته من العمل، وعطل ذاته عن الشغل فخسرها.
ولما كان الإنسان مضطرا إلى السعي في معاشه فيشغله ذلك عن وجوه الطاعات، من العلم ونوافل الصلاة والصوم والحج وغيرها. ومعرضا للأمراض فتمنعه منها، ولكنه لا يخلو من حالة يكون فيها فارغا من الشغل لمعاشه، ومعافى من المرض في بدنه، ذكره هذا الحديث الشريف بما عليه في هذه الحالة من المحافظة عليها وعمارتها بالطاعات حتى لا يخسرها وتنقص من عمره بلا فائدة فيكون مغبونا فيها.
تفريغ على الحديث:
فإذا عمَّر الإنسان وقت فراغه من الكد لعيشه، بطاعة من طاعات الله واستعمل بدنه مغتنما فرصة صحته فيها، ثم عرض شغل من اشغال عيشه فقطعه عنها، او طرأ عليه مرض فمنعه منها ونيته المداومة على تلك الطاعة لولا الشاغل والمانع، فإنه يكتب له في شغله وفي مرضه، ثواب ما كان يعمله في صحته وفراغه، ومن الدليل على ذلك حديث البخاري-